كان النبي محمد صاحب كلمة حق ، فلا ينطق عن الهوى إنما يوحى إليه من ربه ، وقصتنا اليوم تحكي عن وعد رسول الله الذي دام حتى وفاه لصاحبه بعد وفاته ، تُرى ما قصة هذا الوعد الخالد الذي انتهى بنهاية غريبة ، هذا ما سنعرفه في ملخص القصة ..
يروى لنا أن قريش مكرت بالنبي محمد ، وأجمعت على قتله، فخرج النبي مع صاحبه أبي بكر الصديق متجهًا إلى المدينة، فنشرت قريش عيونها في كل مكان بحثًا عنهما، فلم يجدوا لهما أثر ، وحينما يئست قريش أن تعثر على النبي و صاحبه ، وضعت جائزة مئة رأس من الإبل لمن يأتي بهما .
وقيل أن سراقة بن مالك، كان قريباً من مكة، فإذا برجل يدخل عليهم، ويذيع فيهم نبأ الجائزة، فما كاد سراقة يسمع بالنوق المئة حتى اشتد حرصه عليها، ولكنه كان ذكياً، فضبط نفسه ولم ينطق بكلمة، وقبل أن ينهض من مجلسه، دخل رجل يقول لقد مر بي الآن ثلاثة رجال وأظن انهم محمد وأبو بكر ودليلهما ، فقال سراقة إنهم بنو فلان مضوا يبحثون عن ناقة لهم أضلوها محاولاً أن يصرف الناس عن هذه الجائزة.
بعدها أسرع سراقة ولبس درعه وتقلد سلاحه، واعتلى فرسه وانطلق ليدرك النبي ، ومضى، لكن تعثرت فرسه ، وعندما هم بالرجوع تذكر الجائزة ، فلم يبتعد كثيراً حتى أبصر النبي فمد يده إلى قوسه، ولكن يده تجمدت مكانها ثم غاصت قوائم فرسه في الأرض مرة أخرى ، فالتفت إلى النبي ، وقال ادعوا لي ربكما أن يطلق قوائم فرسي ولكما عليّ أن أكف عنكما فدعا له النبي فأطلق الله له قوائم فرسه.
تذكر سراقة المئة ناقة، فتحركت أطماعه من جديد، فدفع فرسه نحوهما ولكنها غاصت مرة أخرى ، فاستغاث للمرة الثانية، وقال سوف أبعد عنكم اعين الناس وهذا وعد مني فدعى له النبي وقام ، قال له الرسول ماذا تريد منا ؟ فأخبره بشأن الجائزة .
فقال له الرسول انه اذا اخفى عن قريش مكانهما سوف يكافئه ويعطيه سواري كسرى ..
استعجب سراقة من الوعد ،فهل فعلاً سوف يحصل على سواري كسرى ، أقوى الحكام وقتها ؟
عاد سراقة فوجد الناس قد أقبلوا يبحثون عن رسول الله، فقال لهم ارجعوا فقد نفضت الأرض نفضاً بحثاً عنه فلا ترهقوا أنفسكم وكتم خبره مع النبي وصاحبه حتى أيقن أنهما بلغا المدينة .
ويقال ، تأخر إسلام سراقة حتى سنة ثمانٍ من الهجرة أي بعد فتح مكة، فقد جاء للرسول وذكره به وقال له أنه وعده بسواري كسرى فكيف لن يفي بالوعد كل هذا الوقت وهو الذي أخفى خبرهما ؟ ولكن توفى الرسول قبل أن يعطي سراقة سواري كسرى .
دارت الأيام ، وآل أمر المسلمين إلى عمر بن الخطاب وتحققت نبوءة النبي وهبت جيوش المسلمين على مملكة فارس تدك الحصون، وتهزم الجيوش، وانتصروا على الفرس ،فدعا الفاروق ، سراقة بن مالك فألبسه قميص كسرى وسراويله وخفيه وقلده سيفه ووضع على رأسه تاجه وألبسه سواريه عند ذلك هتف المسلمون الله أكبر الله أكبر هذا وعد رسول الله ، ثم ركب سراقة فرسًا و طاف به المدينة المنورة و أخذ يحتفل فرحًا .
