يصوم اليوم كثير من المسلمين يوم عاشوراء ، وثبت أن صيام يوم عاشوراء له فضل كبير فهو يكفر السنة التي سبقته، كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم: «صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله».
الذنوب التي لا يغفرها الله ثلاثة، لأن بعضها متعلق بحقوق العباد، أولا: الشرك: قال سبحانه وتعالى: «إن ٱلله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء» (سورة النساء: 48)، وقال سبحانه وتعالى: «إنه من يشرك بٱلله فقد حرم ٱلله عليه ٱلجنة ومأواه ٱلنار وما للظٰلمين من أنصار» (سورة المائدة: 72)، وقال صلى الله عليه وسلم: «من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار»، رواه مسلم في الإيمان، وقال القرطبي رحمه الله: «إن من مات على الشرك لا يدخل الجنة، ولا يناله من الله رحمة، ويخلد في النار أبد الآباد، من غير انقطاع عذاب، ولا تصرم آماد»، وقد نقل كل من ابن حزم، والقرطبي، والنووي الإجماع على أن المشرك يخلد في النار.
ثانيا: حقوق الناس ومظالمهم: فقد روى البخاري في الرقاق، عن أبى هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنه ليس ثم دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه».
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: «أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار»، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «وحق غير الله يحتاج إلى إيصالها لمستحقها، وإلا لم يحصل الخلاص من ضرر ذلك الذنب، لكن من لم يقدر على الإيصال بعد بذله الوسع في ذلك فعفو الله مأمول، فإنه يضمن التبعات، ويبدل السيئات حسنات».
ثالثا القتل: وذلك لأن القتل حق يتعلق به ثلاثة حقوق، وهي: حق الله سبحانه وتعالى، وحق الولي والوارث، وحق المقتول، فأما حق الله سبحانه وتعالى يزول بالتوبة، وأما الوارث فإنه مخير بين ثلاثة أشياء: إما القصاص، وإما العفو إلى غير عوض، وإما العفو إلى مال، وبالتالي يبقى حق المقتول، فعن جندب رضي الله عنه قال: حدثني فلان أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «يجيء المقتول بقاتله يوم القيامة، فيقول: سل هذا فيم قتلني؟ فيقول: قتلته على ملك فلان، قال جندب: فاتقها »، رواه النسائي في تحريم الدم، قال ابن القيم رحمه الله: « فالصواب والله أعلم أن يقال: إذا تاب القاتل من حق الله، وسلم نفسه طوعا إلى الوارث، ليستوفي منه حق موروثه: سقط عنه الحقان، وبقي حق الموروث لا يضيعه الله. ويجعل من تمام مغفرته للقاتل: تعويض المقتول، لأن مصيبته لم تنجبر بقتل قاتله، والتوبة النصوح تهدم ما قبلها، فيعوض هذا عن مظلمته، ولا يعاقب هذا لكمال توبته».