هو واحد من أهم رجال التاريخ الإسلامي ، شهدت له الأرض وكرَّمته السماء، وكان ثاني من تولي الحكم بين الخلفاء، وكان إذا تكلَّم أسمع وإذا مشي أسرع ، ووافق قوله القرآن الكريم في أكثر من موضع.
ورأى النبي الكريم له نصيبه من الجنة الأوسع..فما شأن ذلك الجليل الذي وافق قوله التنزيل؟ وكيف كان يتتبع أحوال المسلمين متفننا في صنع الجميل؟
إنه الفارس الهمام ودعوة النبي العدنان، يتمتع بحكمة العقل وفصاحة اللسان .هو هذا الصحابي الجليل صاحب الفضل والإحسان الذي وافق قوله القرآن كان إسلامه للمسلمين نصرا ، وسطَّر في تاريخ صفحات من نور.
وقيل في حقه إنه لن يُسلم حتى يُسلم حمار والده ، لكن دعوة الرسول – صلى الله عليه وسلم – كانت قد صعدت إلى السماء، حينما طلب النبي من الله أن يعز الإسلام بأحد هذين الرجلين، وكان هذا الصحابي أحد هذين الرجلين .
فاروق الأمة أمام وحي السماء
إنه عمر بن الخطاب – رضى الله عنه – الذي اقترن اسمه بالعدل.. وقد وافق قوله القرآن الكريم في ثلاثة مواقف نزل بشأنها الوحي من السماء، فكيف حدث ذلك لبشر؟
كان رضي الله عنه شديد الذكاء قوي الفراسة ، ملهم في أفعاله وأقواله، اقترح على النبي الكريم يوما أن يكون مقام إبراهيم مصلى.
وبالفعل نزل الوحي من السماء يوافق قوله – رضي الله عنه – بالآية الكريمة، وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى
بمعنى: جواز أن يتخذ المسلمون عنده مصلى ويكون المقام الشريف بين البيت والمصلى.
موقف أمام النبي ونزول آية الحجاب
وذات يوم خاطب الفاروق عمر – رضى الله عنه – النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم – بأدب جم وحسن تعامل بسؤال منه بشأن احتجاب زوجاته – صلى الله عليه وسلم – : فنزلت الآية الكريمة
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ قُل لِّأَزۡوَ ٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاۤءِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ یُدۡنِینَ عَلَیۡهِنَّ مِن جَلَـٰبِیبِهِنَّۚ ذَ ٰلِكَ أَدۡنَىٰۤ أَن یُعۡرَفۡنَ فَلَا یُؤۡذَیۡنَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا﴾
مواجهة أمام زوجات الرسول
وحينما اجتمعت زوجات النبي الكريم في شأن الغيرة التي حرَّم فيها – صلوات الله وسلامه عليه – شرب العسل قال الفاروق عمر لهن يعظهن:
عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ
فنزلت نفس الآية الكريمة توافق قول عمر – رضى الله عنه –
وبذلك وافق القرآن حينما نزل بهذه الآية قول الفاروق.
قصر في الجنة
ويكفي الفاروق عمر قول النبي – صلى الله عليه وسلم – بشأنه فلقد رأى النبي الكريم قصرا مخصصا للفاروق عمر في الجنة، كان ذلك في رؤيا مباركة رآها النبي ، ووفق تلك الرؤيا كان النبي في الجنة ورأى فيها قصرا أمامه سيدة تتوضأ ، وعلم الرسول – صلى الله عليه وسلم – أن القصر لعمر بن الخطاب فذكر غيرته فولى مدبراً.
ولما روى النبي الرؤيا بكى عمر بن الخطاب أمامه، وقال: أعليك أغار يا رسول الله؟
رحم الله ابن الخطاب ، الذي كان للنبي من خيرة الأحباب، وأصدر في الفقه أحكاما ناصعة دون ارتياب.