عرف بالشجاعة ، وكان من الفرسان البواسل الذين لا يشق لهم غبار ، لذلك كان يهابه الجميع ، ولكن هذه الهيبة كانت لها مقدمات ، فقد قرر مواجهة واحد من أشهر الفرسان في الجاهلية ، ولذلك أصبح معروفا بأنه البطل المقدام الذي تهابه كل الآنام .
أنا الذي سمتني أمي حيدرة .. ضرغام آجام وليث قسورة، على الأعادي مثل ريح صرصرة … كليث غابات كريه المنظرة.
والحيدرة يا سادة هو الأسد العظيم الملك بين أقرانه، وبهذه الأبيات واجه علي بن أبي طالب رضي الله عنه واحدا من أعظم الشجعان في الجاهلية ، والذي كان يهابه الجميع ، حتى ان بعض المراجع ذكرت أن عمر بن الخطاب نازله في الجاهلية وهزمه هذا الرجل .
إنه عمرو بن ود ، واحد من الفرسان العظام المشهورين في زمن الجاهلية ، والذي شارك مع المشركين في غزة الخندق او الأحزاب عام 5 هجرية ، واستطاع أن يقفز بحصانه فوق الخندق الذي حفره المسلمون ويصول ويجول في معسكرهم .
التحدي الذي رفضه الجميع
بعد أن عبر عمرو بن ود مع خمسة من أقرانه الخندق العظيم الذي حفره المسلمون لتحصين أنفسهم من الأحزاب المتجمعة والتي تريد النيل منهم ، راح يصول ويجول في معسكر المسلمين وينادي هل من منازل ؟ وهي عادة الفرسان في القديم أن يطلبوا شخصا شجاعا للنزال ، وبهذا يعطون العبرة والعظة لباقي المعسكر حين يهزمون من ينازلهم ، وظل عمرو يصرخ ويستهزيء بالمسلمين ، ولكن لم يتطوع أحد بالإجابة عليه إلا علي بن أبي طالب الذي استأذن الرسول في قبول التحدي وقال أنا له يا رسول الله ، فقال له الرسول اجلس يا علي إنه عمرو بن ود ، فقال علي إن كان هو عمرو بن ود فأنا علي بن أبي طالب .
المواجهة الصعبة
وبعد أن طلب عمرو بن ود اكثر من مرة شخصا يبارزه ولم يجب عليه أحد من صاحابة النبي أصر على بن أبي طالب على قبول المواجهة ، وفي النهاية أذن له الرسول وألبسه عمامته ودرعه وأعطاه سلاحه ذا الفقار الشهير، ودعا الله عز وجل قائلا : يا إلهي أخذت عبيدة مني يوم بدر وحمزة يوم أُحد ، وهذا أخي وابن عمي فلا تذرني فردا وأنت خير الوارثين .
وبالفعل واجه علي بن أبي طالب عمرو بن ود وطلب منه أن يعلن إسلامه أو يعود إلى بلاده ، ولكن عمرو رفض ، وحين عرف من هو قال له يا علي والدك كان صديقي فارجع ، في إشارة إلى انه لا يريد إنهاء حياته ، وحين تمت المواجهة التي استمرت نحو ساعة، استطاع علي بن أبي طالب أن ينال منه ويقضي عليه ، فهلل المسلمون وكبروا بهذا النصر المبين .
مواجهة سابقة مع عمر بن الخطاب
وكان عمرو بن ود قد واجه عمر بن الخطاب في مكة من قبل – بحسب ما تذكر كتب التاريخ – وكان عمرو بن ود في جمع من أصحابه ومر عمر بن الخطاب فأعجبه سيف عمرو بن ود وأراد أن يأخذه فرفض عمرو بن ود ، وتقول بعض الروايات أنهما وقعت بينهما مواجهة انتهت لصالح عمرو بن ود ، وروايات أخرى تقول إن بعض العقلاء تدخلوا واقترحوا مسابقة بين كليهما ومن يفز يحصل على السيف ففاز عمرو بن ود واحتفظ بسيفه .
شجاعة علي
ولكن تبقى واقعة علي بن أبي طالب وعمرو بن ود من الوقائع المهمة والمؤثرة في التاريخ الإسلامي والدالة على مكانة وكرامة وشجاعة الإمام علي بن أبي طالب حتى وهو في شرخ الشباب .