يعتبر أبو سفيان بن حرب من الشخصيات الملغزة في التاريخ الإسلامي، ففضلا عن كونه من سادة قريش، فقد أمنه الرسول صلى الله عليه وسلم على منزله ومن يدخل منزله فهو آمن يوم فتح مكة ، وبعد أن أسلم ولاه الرسول على نجران، وهو أبو معاوية بن ابي سفيان مؤسس الدولة الأموية، ولكن هل أسلم أبو سفيان برضاه أم أجبر على ذلك ، وهل أحسن إسلامه ام ظل على عهده بالكفر والضلال .. تعالوا لنعرف في التقرير التالي:
ولد أبو سفيان ابن حرب واسمه الأول صخر في العام العاشر قبل عام الفيل، وحين شب وكبر أصبح من الشباب النافذين في قريس ثم من كبارات رجالاتها وتاجرها الكبير الذي يسافر إلى الشام وبلاد الروم ويختلط بملوك الفرس والبيزنطيين ، وكان يعتمد على تجارته في فرض سيطرته وسلطته في مكة. وكان يمثل كبير بني أمية في مقابل بني هاشم الذين جاء منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
عداوته للرسول
كان أبو سفيان شديد العداء للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ويعتبره يمثل تهديدا مباشرا لنفوذ بني عبد مناف – بني أمية، فقد رآه طامعا في السطة ، ولذلك اضهده وناصبه العداء حتى هاجر الرسول إلى يثرب، وحرض أبو سفيان قريش على الخروج في غزوة بدر للانتقام من محمد وأصحابه بعد أن عرف أنهم خططوا لمهاجمة قافلته. وبعد الهزيمة المحققة في بدر قرر أيضا أن يخوض معركة أحد وكان هو قائدها نظرا لوفاة باقي رجالات قريش الكبار في معركة بدر ومنهم الوليد بن المغيرة وعمرو بن هاشم وأمية بن خلف.
فتح مكة وإسلام أبي سفيان
بعد فتح مكة سنة 8 هجرية أمنه الرسول على بيته ومن يدخله فهو آمن، وأقنع عم الرسول العباس بن عبد المطلب صديقه القديم أبا سفيان بن حرب بان يدخل الإسلام حتى يحافظ على حياته وهو ما فعله أبو سفيان فلم يقتنع بالدين الجديد ولم يصدقه حتى بعد أن أسلم، فكل الروايات تؤكد أنه أسلم مكرها خائفا. هذا ما يورده بن جرير الطبري في تاريخ الرسل والملوك، كما أورده ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ ، وكذلك بن حجر العسقلاني وغيرهم من المؤرخين. فبعد إعلانه إسلامه شارك في العديد من الغزوات مع النبي وقيل إنه فرح في البداية بعد هزيمة المسلمين في إحدى الغزوات .
توليته على نجران
ولاه رسول الله على نجران ليحفظ له مكانته القديمة كأحد رجال البطقة السرتقراطية في قريش أيام الجاهلية ، وحظي أبو سفيان باهتمام واحترام كبيرين في عهدي عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وهو من أبناء عمومته، وقد شارك أبو سفيان في معركة اليرموك عام 13 هجرية وأصيب في عينه ويقال إنه فقد بصره.
لا جنة ولا نار إنما هي الخلافة
وورد أنه دخل على عثمان عندما تولى الخلافة وقال هل فيكم غير بني عبد مناف – يقصد بني أمية ، – وكان قد فقد بصره أو أصابه ضعف شديد – قالوا لا قال إذن فتلقفوها تلقف الكرة ، فإنه لا جنة ولا نار . وحين سمع عثمان هذا الكلام أغلظ له القول و نهره وطرده من مجلسه، وكان يعني أن المسألة كلها تتوقف على السلطة والخلافة فلا تتركوها أبدا وهو ما فعله ابنه معاوية فيما بعد حيث احتفظ بالخلافة لبني أمية وأسس أول امبراطورية ملكية يتم تداولها بالتوريث . بينما توفي أبو سفيان في خلافة عثمان عام 31 هجرية .