عمار سيسقط بيد الفئة الباغية ، هل كان الرسول يتنبأ بالمستقبل ، وهل استطاع أن يحسم الخلاف والتحكيم في موقعة صفين، الموقعة الأهم في مسار الفتنة بين الإمام علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، تلك الموقعة التي هزم فيها معاوية فاتجه لخدعة التحكيم، وفي هذه الواقعة سقط واحد من الصحابة شهيدا في تلك الحرب وهو عمار بن ياسر الذي قال عنه الرسول حديث يؤكد أنه كان في الجانب الصائب .. فما هو الحديث وما الذي حدث لعمار ؟
كان عمار بن ياسر من أوائل المستضعفين الذين أعلنوا إسلامهم هو ووالده ياسر بن عمار ووالدته سمية بنت خياط ، وجميعهم تعرضوا للتعذيب وقيل إن الرسول كان يمر عليهم وهم يخضعون للتعذيب من صناديد قريش فلا يستطيع فعل شئ لهم فيقول ” صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة ” وكانت أمه سمية هي أول شهيدة في الإسلام حيث أنهى حياتها أبو جهل بحربته .
مكانة عمار عند الرسول
ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث في حق عمار منها أنه خالد بن الوليد اختصم عمار ذات مرة وحين ذهب إلى النبي قال له النبي ” من عادى عمارا عاداه الله ومن أبغض عمارا أبغضه الله ” ، فخرج خالد من عند النبي وقال أصبح من أحب إلي من رضا عمار فلقد لقيته فرضي .
وقيل إن عمرو بن العاص وهو على فراش الموت سألوه عن محبة الرسول له واستخدامه له في الكثير من المواقع والمواقف فقال والله إنه كان يجحب عمارا بن ياسر ، فقالوا له ” فذلك قتيلكم في صفين ” فقال ” قد والله قتلناه ”
حديث الفئة الباغية
جاء في صحيح البخاري هذا الحديث حين كان الصحابة يبنون مسجدا فرأى الرسول عمار يحمل لبنتين ويحمل غيره لبنة واحدة فقال ” ويح عمار ، تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار .”
وجاء في البداية والنهاية لإبن كثير وفي كتاب بن حجر أن هذا الحديث ثابت وإن كان يحمل العديد من التأويلات، لكن لأن عمارا شارك في معظم غزوات الرسول وحروبه ، وشارك في حروب الردة ثم في موقعة الجمل وموقعة صفين ، واستشهد في الموقعة الأخيرة على يد واحد من أهل الشام يدعى ” أبو الغادية الجهني ” كان ذلك عام 657 بعد ربع قرن من رحيل النبي محمد ، وكان عمر عمار بن ياسر وقتها نحو 93 عاما .
تفاسير حديث الفئة الباغية
اعتبر العديد من المفسرين أن هذا الحديث دليل قاطع على تحقق نبوءة النبي ، وكأنه يحكم في المعركة بين علي ومعاوية. وأن معاوية وجماعته هم الباغون الخارجون عن الإجماع وأن عليا الأحق بالخلافة، فرحيل عمار في موقعة صفين وكان شيخا كبيرا وصل عمره إلى 93 عاما، يؤكد إصراره على نصرة الحق ، رغم أن الخليفة عمرا كان قد ولاه ولاية الكوفة ، وكان من الصحابة القلائل الذين ظلوا يحاربون حتى النهاية ، وجاء استشهاده ليعزز موقف علي الذي صلى عليه ولم يغسله، فالملائكة هي التي تقوم بتغسيل الشهداء .
المزايدة على الحديث
بعض المصادر ذكرت الحديث واكدت عليه وعلى تأويلاته المتعددة لكن البعض حذر من زيادة تعتبر من التقول على رسول الله قوله تقتلك الفئة الباغية ، لا أنالها الله شفاعتي يوم القيامة هو نوع من الافتراء على رسول الله .
لكن يظل تفسير هذا الحديث يشير إلى أن الفئة الباغية هي فئة معاوية ومن ناصره ، ولكونهم من الصحابة وكان معاوية نفسه من كتبة الوحي فقد حاول البعض تبرير الأمر بأن كلا الجانبين اجتهدا ، فمن أصاب له أجران ومن أخطأ له أجر .