هل ترون كيف أصبح العالم من حولكم… مواجهات عسكرية بكل مكان… نزاعات وأزمات تظهر بين عشية وضحاها، ورغم بشاعة ما يحدث فلا أحد يكف عن إثارة تلك المواجهات على مر العصور.
تلك المواجهات العسكرية الصعبة ليست من سمات عصرنا الحديث ولم تظهر بسبب تطور الإنسانوإختراع معدات عسكرية حديثة، فقدمها قدم الحياة على الأرض… ظهرت مع الإنسان وتنتهي مع نهايته… ولكن هل سألتم أنفسكم يوا عن أول مواجهة حقيقية شنها البشر ضد بعضهم… ربما لن تصدقوا متى كانت تلك المواجهة.
في اكتشاف جديد ومفاجئ للعلماء توصلوا إلى موعد أول مواجهة في تاريخ البشرية، وكان ذلك لأسباب غير متوقعة ومنذ زمن بعيد جدا، فربما يعتقد الجميع أن أول المواجهات العالمية تلك التي كانت في القرن العشرين، عندما انقسم العالم إلى جهتين وقامت أزمة كان الأصعب، ولكن اكتشف العلماء عكس ذلك تمام، فكانت أول مواجهة موسعة قبل 5 آلاف عام، أي منذ العصر الحجري وكانت بين شعوب مختلفة.
وتعود أقدم السجلات الخطية للنزاعات العسكرية الكبرى، مثل مواجهة طروادة ونزاعات مصر والإمبراطورية الحثية وسومر وبابل، إلى العصر البرونزي (قبل 4000-2800 سنة). ويجد علماء الآثار أيضا أدلة على أزمة عسكرية في مدافن العصر الحجري. وغالبا ما أظهرت بقايا الإنسان البدائي علامات الصدمة الخطيرة والأضرار الناجمة عن استخدام الأدوات الحجرية.
في عام 1973 اكتشف الكاهن وعالم الإثنوغرافيا الإسباني خوسيه ميغيل دي باراندياران كنيسة القديس يوحنا الإنجيلي أمام البوابة اللاتينية“ سان خوان أنتي بورتام لاتينام ”في مقاطعة ألافا في شمال غرب البلاد. وبجانبها اكتشف مدفنا مجهولا، وفي عام 1985، قامت جرافة بتوسيع الطريق بالقرب من الكنيسة، وفتحت مدفنا آخرا بالخطأ. وكان عبارة عن غرفة كاملة تحت الأرض تبلغ مساحتها حوالي 20 مترا مربعا، وهي مليئة بالهياكل العظمية البشرية.
على مدى عدة أعوام من الحفريات، انتشل علماء الآثار بقايا 338 شخصا من المقبرة، والتي حصلت على تصنيف SJAPL.
واكتشف العلماء إصابة العديد منهم بأضرار في العظام وكسور في الجماجم. وعثروا بالقرب من الهياكل العظمية، على 52 رأس سهام و64 شفرة حجرية، وفأسين حجريين كانت كلها مستخدمة، وخمسة مثاقب عظمية والعديد من الزخارف الشخصية، وفقا لنتائج التحليل الكربوني اللاسلكي فإن عمر الاكتشافات يقدر ب 5400-5000 عام.
وما جعل العلماء يشكون في سبب كون المقبرة مقبرة جماعية، هو وجود أكثر من بقايا هيكلا عظميا، وكان من المعروف آنذاك أن أوروبا ستخدم مدافن فردية، فلاذا كل هذا العدد إن لم تكن هناك مواجهة عسكرية قوية تسببت في هذا الأمر… ولكن بقي سر وجود بعض الأدوات الشخصية حاجزا أمام العلماء.
وبعد مرور 30 عاما، قرر علماء الأنثروبولوجيا الإسبان بقيادة تيريزا فرنانديز كريسبو من جامعة“ بلد الوليد ”مع زملائهم البريطانيين العودة إلى الدراسة، ونشروا نتائجها في تختلف عن المقابر الجماعية الأخرى المعروفة في العصر الحجري في حجمها بشكل أساسي. ولا يوجد في المقابر الجماعية المكتشفة سابقا، أكثر من 30-40 هيكلا عظميا. وتكمن التفاصيل المهمة الأخرى في العدد الكبير للغاية من الإصابات التي تم تلقيها في المعركة، وليس نتيجة لحادث.
وأظهرت الاختبارات الجينية أن أصحاب الهياكل في مقبرة SJAPL ينتمون إلى مجموعات عرقية وثقافية مختلفة. وجاء بعضهم من مناطق بعيدة، أي من وسط وجنوب أوروبا وشمال أفريقيا.
ويشير كل ذلك إلى أنه منذ أكثر من خمسة آلاف عام قامت مواجهة عسكرية حقيقية في أوروبا، واستمرت، بحسب الجراح التي التأمت بين المشاركين فيها، لمدة أشهر، وربما سنوات.