حارت بشأنه البشرية بين اعتباره مظلوما وظالما.. فكيف انقلب هذا العالم على إيمانه بالحياة؟وكيف تحالف مع الشياطين؟ هل هو فعلا منقذ البشرية الذي وفرلها الطعام بغزارة ؟ أم أنه مدمر البشرية الذي اكتشف مادة قضت على الملايين ؟
وماذا فعل بزوجته وعائلته؟
يكاد المتتبع لسيرة الرجل أن يفقد عقله، تحول معمله لمحراب خاص، إنه «فريتز هابر» ملك التناقضات فثمار معامله أهداها للبشرية لتكون سببا في حياة العالم.
ورغم هديته المقدسة إلى الإنسانية كان أيضا سببا لدموع ذرفها آلاف البشر على أحبائهم بسبب اختراعاته المدمرة
مواجهة مع التاريخ
ماذا فعل الرجل حتى أغضب المؤرخين بعد أن أضفوا عليه حالة من القداسة؟تعود قصة «هابر» إلى مادة الحياة التي تحركت الجيوش بسببها.
ارتبطت أعظم إنجازات الرجل بقدرته على توفير الطعام للعالم، ظل العالم يعتمد دهورا من الزمن على توفير مادة الحياة للمحاصيل بمستخلص غريب.
بديل الذهب الأبيض
كان ذلك المستخلص هو «بديل الذهب الأبيض» يتخلص ذلك البديل في عنصر «النيتروجين»..ولكن كيف كانت البشرية تحمي أقواتها قبله؟؟
ذلك العنصر المعروف بأنه «الذهب الأبيض» كان في فضلات الطيور أظهرت آليات التسميد الزراعي أن تلك الفضلات تراكمت بمناطق بعينها.
أزمة حيرت العالم وتدخل لإنهائها
وما علاقة فضلات الطيور بحياة البشرية؟ فوجئ الفلاحون بأن المواد الموجودة في فضلات الطيور هي مصدر التسميد الأول وذلك دون أن يعلموا بتلك المادة.
تحولت تلك المادة إلى هدف أول للدول الكبرى وتحركت الجيوش للسيطرة على مواقع تختزن فضلات الطيور!!! والسؤال الذي حكم عقلية صناع القرار – حينذاك – «ماذا سيكون مصير الزراعات حال نفاد تلك الفضلات؟؟؟»
كان نفاد تلك الفضلات سيناريو قائما لدى القائمين على الإنتاج الزراعي، هناك في معمل «هابر» كان الوضع أكثر هدوءا.
حياة في أعماق الكيمياء
كان والده «سيغفريد» شغوفا بمجال الكيمياء وانتاج مستحضرات الدواء والدهانات، خرج «هابر» ذات يوم من معمله ليعلن إلى البشرية أنه توصل إلى سر البقاء.
توصل الرجل إلى طريقة حملت اسمه لإنتاج النشادر من النيتروجين والهيدروجين، خلاصة الإنجاز العلمي أن مادة الأمونيا المستخدمة في مضاعفة إنتاجية المحاصيل هي بديل لفضلات الطيور.
مواجهة صعبة مع التاريخ
ولكن لماذا حاول المؤرخون التعامل مع سيرته «كأن لم تكن»؟ ذلك الإنجاز أصبح سلاما وخطرا على البشرية في آن واحد.
واصل ذلك الكيميائي الحاصل على جائزة نوبل وعشرات الجوائز الاعتكاف في معمله، وكانت المفاجأة….إن ذات اليد ونفس العقلية التي توصلت إلى اختراع أنقذ البشرية من الجوع هي التي امتدت تصنع نهايتها
علاقة غامضة مع دوائر الحكم
ارتمى هابر في أحضان السياسيين في ألمانيا، ولعله خضع لإغراءات المال والسلطة والنفوذ، يصعب تاريخيا التفريق بين توجهات هابر اللاحقة لاختراعه الذي ساعد العالم وبين ارتباطه بدوائر الحكم.
تحولت تلك المادة إلى مخططات لإنهاء الحياة، ساعد «هابر» ألمانيا وقواتها في المواجهة العالمية الأولى وكان ما توصل إليه سببا في نهاية آلاف البشر، راح ضحية اختراعه “”الكلور المنهي” في إحدى المواجهات قرابة السبعة آلاف شخص.
عقاب من السماء
ولعل عقاب السماء كان إلى «هابر» أسرع من خطر المواد التي توصل إليها ! أنهت زوجته حياتها وطالت المادة التي اخترعها عائلته في ألمانيا لتغادر الحياة بذات اختراعه.
عاش مشتتا بأزمة صحية صعبة هاجر إلى سويسرا وهناك كانت نهايته بعد أن ترك للعالم مادة الحياة والرحيل في آن واحد!!!