كان ثالث ثلاثة في مدرسة الهجاء وتبارى مع جرير والفرزدق.. وتعود أصوله إلى قبيلة «تَغْلُب» العربية.. وكان شاعرا مسيحيا عرف بأنه «الهجَّاء المسيحي الأشهر».. وألقى قصائد مدح بليغة المعاني في حق خلفاء بني أمية المسلمين يعدد فيها أفضالهم ومناقبهم.. وله قصيدة عرفت بأنها «قصيدة الفتنة» التي أقام بها واحدة من أقوى المواجهات العسكرية.
أصبح الأخطل في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان الشاعر الرسمي للخليفة وكان بمثابة المتحدث الرسمي باسم القصر.. وتم تصنيفه واحدا من نجوم الشعر في عصره..
شاعر غير مأمون اللسان
لم يقف شعر الأخطل عند كبير أو صغير وبلغ صيته الآفاق وكان له مع جرير مساجلات شعرية في الهجاء إلا أن أخطرها وأشدها أثرا كانت قصيدة شديدة البلاغة اعترف كبار «تميم» وهم قوم جرير ذاتهم بأنها أشد كلمات الشعر في الهجاء الذي قيل بشأنهم.
ومنها قول الأخطل لجرير:
«قومٌ إذا استنبحَ الأضيافُ كلبهم.. قالوا لأمهم بولي على النار..
فتمسك البول بخلا أن تجود به .. وما تبول لهم إلا بمقدار »..
وكانت لذلك البيت كنايات مرتبطة بعادات الكرم العربية التي نفاها الأخطل عن جرير وقومه، حتى أنهم – في وصفه – لا يكادون يرون ضيفا حتى يطفئوا موقد الطعام حتى لا يطعمون الضيوف.
«الأخطل» هو الأخطر في المواجهات الشعرية
صمد جرير في مواجهات الهجاء والتلاسن ولم يقف أمامه إلا الأخطل الذي كان في نفس الوقت الأكثر شراسة على من يعارضه أو يقف ضده أو حتى يفكر مجرد تفكير في خوض مواجهة معه.
طالما تحول الأخطل بشعره من النقد إلى الهجاء السياسي الذي أثار فتنا كان من الممكن ألا تندلع ولكن لسان الأخطل هو الأخطر مساسا بالأعراض والسمعة، وذات يوم طلب منه يزيد بن معاوية نقد الأنصار فقال بشأنهم: ذهبت قريش بالمكارم والعلا… واللؤم تحت عمائم الأنصار
وصلت من الأنصار شكوى رسمية إلى معاوية ضد الأخطل، ووعدهم معاوية بإيقاع أقسى ألوان العقاب به وقطع لسانه، ولكن يزيدا تدخل في لحظة حرجة ومنع تنفيذ القرار
قصيدة الهجاء التي تسببت في حرب بين القبائل
وأثار الأخطل فتنة ذات يوم حينما قدم لتهنئة الخليفة عبد الملك بن مروان بحصوله على الخلافة، فوجد رجلا اسمه الحجاف لدى الخليفة وكانت قبيلة الأخطل قد أنهت حياة رجل من قبيلة ذلك الرجل التي تدعى «بني سليم».. وسأله الخليفة: هل تعرف هذا الرجل يا أخطل.
فقال الأخطل: «أَلا سائِلِ الجَحّافَ هَل هُوَ ثائِرٌ؟»، ومضى يمارس عادته في الهجاء وأخذ يعَيِّر الرجل عن وقائع اعتداء تعرض لها قومه بينما هو ساكت على تلك الوقائع.. ولم يتكلم «الحجاف» في حضرة الخليفة لكنه صمم على الثأر وشنوا مواجهة كبيرة على «تغلب» انتهت بوقائع صعبة.. وهكذا تسبب شعر الأخطل في مواجهة عسكرية صعبة.. وقيل إن قربه من البلاط الأموي أثار الأحقاد ضده وبدأ الوشاة يبلغون عنه المسؤولين كلاما خشي منه فقرر الانسحاب من علاقته بالخلفاء في هدوء.