يعتبر البعض مصر أول دولة تشكلت في العالم، فمع تحقيقها للعديد من المعجزات الحضارية التاريخية غير المسبوقة، فهي تعتبر أيضا من أوائل الدول التي تشهد ثورة اجتماعية شاملة، ضد حكام الأقاليم في العصر ما قبل الميلاد.
ثورة غيرت رأس السلطة، وكانت الإرهاصة الأولي لعصر ازدهار وتطور في المفاهيم والقيم الاجتماعية والدينية والاقتصادية.
كان اكتشاف كل تلك المعلومات مرهونا بوثيقة مخفية تعرف باسم برديو ايبور، فما هي قصتها.
ثورة الدولة القديمة
في نهاية عهد الدولة القديمة بدأت ما تسمي بالثورة الاجتماعية الأولي، والتي أدت إلى حالة التفكك والاضطرابات في البلاد، وسوء الحالة الاقتصادية وظهور المجاعات.
حتى أن جيران الدولة المصرية بدأوا في الإغارة عليها، بسبب تراجع هيبتها والتي شجعت جيرانها على انتهاك حدودها.
ومن الوثائق التي صورت ما حدث في تلك الآونة هي بردية «إيبوور» والتي مثلت ما كانت عليه حالة مصر في آخر أيام الاسرة السادسة خير تمثيل.
فبعد انهيار السلطة المركزية في البلاد، وتحت الحدود على مصراعيها، وقيام جماعات البدو على الحدود بالإغارة على الدولة وإثارة الذعر بين الناس.
لم يقم رجال الأمن بتكبد عناء الوقوف في وجه هؤلاء العابثين، بل أصبحوا شوكة في ظهر الدولة ينهبونها، وكانت هذه أسبابا مهمة لقيام ثورة على الأوضاع حينها داخل البلاد.
بردية ايبور
بردية ايبوور بردية قديمة جدا يرجع قدمها لسنة 1196 ق. م، وتم اكتشافها في مطلع القرن الثامن عشر الميلادي بمنطقة منف بالبدرشين قرب منطقة سقارة، وهي موجودة الآن في المتحف الوطني في الهولندي ومحفوظة تحت رقم 344.
تلك البردية المكونة من 17 صفحة، ترجع لعصر الأسرة التاسعة عشرة أي في الدولة الحديثة، إلا أنها أفضل مصدر لدراسة مظاهر ما يعرف بالثورة الاجتماعية التي قلبت الأوضاع في نهاية الدولة القديمة.
كان إيبوور والذي سميت البردية على اسمه موظفاً كبيرا ينتمي للطبقة العليا في الدولة، وعاش في الغالب في آخر عصر الملك بيبي الثاني آخر ملوك الدولة القديمة.
وصف إيبوور الثورة بشكل دقيق في برديته، كما تمكن من مقابلة الملك نفسه وحمله مسئولية ما أصاب البلاد من ضعف وانهيار.
ثم صور جهل الملك بما حدث داخل البلاد، واستيلاء كبار رجال الدولة علي ثرواتها بدلا من دفعها للخزانة العامة.
فيقول عند مقابلته له: «إن ما يُحكي لك هو الزور، البلاد تشتعل والناس قد هلكوا، وتخاصم حكام الأقاليم فيما بينهم، وامتنعت عن خزائن الحكومة المركزية أغلب ضرائب الصعيد».
وبعد نهاية ذلك العصر، دخلت البلاد عصرا جديدا زالت فيه الاضطرابات وازدهرت أوضاع البلاد، مما أدى لظهور عقائد دينية، ومبادئ سياسية جديدة متحررة. لتسجل بردية ايبور ما يمكن أن يطلق عليه أنه أول ثورة حدثت في التاريخ.