رحلة بدأت من أقاصي غرب إفريقيا إلى مكة المكرمة، كانت تَقْطُرُ ذهبا في مسيرها لدرجة أنها أفقدته بريقه وقيمته من كثرة الذهب الذي وزع فيها.
رحلة وُزع فيها الذهب على أمراء البلاد وفقرائها على حد سواء، لدرجة أن الأموال الموزعة قدرت بالميارات في وقتنا الحالي.
في التقرير التالي سنتعرف على واحدة من أكثر رحلات الحج بذخا في التاريخ، رحلة وزعت فيها ثروات مهولة لا تصدق
كانت مملكة مالي تحت حكم شخص يدعى مانسا موسى، وكان هو الملك العاشر لمملكة مالي والتي أطلق عليها مملكة الذهب في ذلك الوقت.
كانت المملكة في عهده تعيش أزهى عصورها، وكانت مالي من أغنى دول العالم في حينها وأغنى دول أفريقيا بلا منازع.
وقد ساعد في ذلك وجود الثروات المهولة من الذهب والعاج والتوابل والأخشاب والتي كانت تجارتها تدر ارباحا طائلة على مملكته.
وفي العام الـ 12 من حكمه قرر مانسا موسى الذهاب إلى مكة لأداء الحج، وانطلق في رحلة حاشية ضخمة ذكر بعض المؤرخون أنها احتوت على 60 ألف شخص، كان بينهم 12 ألفا من العبيد والخدم.
بالإضافة إلى 80 جملا حملوا على ظهورهم الذهب والاحجار الكريمة والأموال الوافرة، وكان مانسا في ذهابه يوزع ذهبه يمنة ويسرة على أي عابر سبيل موجود.
بل إنه حتى كان يوزع ذهبه على الأمراء والاعيان والتجار والفقراء على حد سواء. وكان يبني مسجدا في كل مدينة أو قرية يصادف مروره بها يوم الجمعة.
ومن كثرة الذهب الذي وزعه مانسا على مدينة القاهرة في رحلة ذهابه وإغداقه على أي شخص عابر، انخفضت قيمة الذهب لمدة عشر سنوات في مصر، وشهدت أسعار السلع تضخما مرتفعا، مما تسبب في جعل البلاد تعاني من أزمة اقتصادية لسنوات عديدة وتخريب اقتصادها بشكل كامل.
ولدى وصوله إلى مكة، واجهه أعيانها بالعصيان والرفض خوفا من تكرار أزمة القاهرة، لكن ذلك لم يثنيه وواصل توزيع النقود الذهبية والعطايا ليخرب اقتصاد مكة المكرمة هو الآخر.
رحلة العودة
بعد إنهائه لمناسك الحج واستعداده للعودة إلى مملكته، باغتت مانسا ورجاله عاصفة ثلجية لم تبق إلا على ثلث رجاله وجماله فقط بسبب البرد.
ولكنه نجح بعدها في العودة بما تبقى إلى بلاده ليقوم بتشييد قاعة محكمة تعلوها قبة ونوافذ مزينة بالفضة والذهب.
كان مانسا غنيا بشكل لا يوصف في حياته، لدرجة أن البعض اعتقد أنه امتلك نصف الذهب الموجود في العالم القديم في زمانه.
حتى أن بعض الكتب ذكر أن ثروته بلغت 400 مليار دولار في وقتنا الحالي من الذهب، وأن مناجم الذهب في إمبراطوريته زودت بريطانيا وبقية أوروبا بالذهب فيما بعد.