لماذا أعلن أهل الشام موقفهم من معاوية بن سفيان وأظهروا له التأييد الكامل؟ ولماذا اتخذوا موقفا من علي ابن أبي طالب رغم أنه ابن عم النبي الكريم ووالد الحسن والحسين؟ وما هي الوصية التي أوصى بها معاوية ابنه يزيدا حول أهل الشام؟
لم يشهد التاريخ الإسلامي في أحداثه فتنة مثل تلك التي حدثت بعد رحيل عثمان بن عفان رضى الله عنه لقد كان الأمر يتعلق باستعادة حق ذلك الصحابي الجليل..
ذو النورين في مواجهة المارقين
لقد كان عثمان بن عفان ذا النورين عن جدارة وهو صاحب فضل على المسملين كافة فهو الذي جعله الله سببا لجمع القرآن الكريم ولم يشهد التاريخ رجلا في مثل عشقه لكتاب الله إلا قليلا.. لكن أخلاقه تلك وعدله هذا لم يرق لفئة خرجت عن الصواب وعقدوا الخطط ودبروا العمليات ضده.. وهم ألفان ممن تعددت أهدافهم وأهواؤهم وقد عقدوا العزم وبيتوا النية على عزل عثمان رضى الله عنه من الخلافة.. فهل اكتفوا بعزله من الحكم؟
أشد الأحداث قسوة في تاريخ المسملين
ليتهم اكتفوا بالعزل إنهم دبروا ضد عثمان مخططا لإنهاء حياته في واحد من أشد الأحداث قسوة في تاريخ المسملين.. وما أن فاضت روحه – رضى الله عنه – إلى بارئها حتى بدأت الفتن تستهدف المسلمين.. لكن عدالة السماء كانت أقرب إلى أولئك الذين استهدفوا عثمانا من رغبة المسلمين في محاكمتهم.. فلقد لاقي كل من نفذ عملية الاستهداف بشكل مباشر ضد عثمان نفس المصير.
الآراء المحكومة بالجدل تفرض نفسها على الأمة
كان رحيل عثما بداية أكبر انقسام في تاريخ أمة التوحيد.. لقد كان عدد الذين اتفقوا ضد عثمان ألفين.. وحينما فاضت روحه الطاهرة أدار البعض فتنة أشد حينما حاولوا إشاعة خبر مكذوب بأن الذي نفذ خطة إنهاء حياة عثمان هو على ابن أبي طالب – رضى الله عن الاثنين – وبدأت الآراء المحكومة بالجدل تفرض نفسها على الأمة بين ثلاث فرق.. فماذا كان موقف كل فرقة..
محاسبة المنفذين شرط قبل حسم أمور الخلافة
انقسم المسلمون بين فرقة ترى حتمية محاسبة مستهدفي عثمان وكان أبرز أعضاء هذا الفريق هم: الزبير وعائشة وطلحة ومعاوية وهم الذين وضعوا محاسبة المنفذين شرطا قبل حسم أمور الخلافة… لكن فريقا آخر كان يرى أن تكون الأولوية الأولى هي استقرار الخلاقة على أن تتم محاسبة المنفذين بعد ذلك.
أوصى ابنه يزيدا بأن يجعل منهم أعوانا
فريق ثالث وكان يمثلهم معظم الصحابة – رضوان الله عليهم – كانوا يفضلوا اعتزال تلك الأحداث تجنبا لحدوث فتنة بين المسلمين.. أما أهل الشام فكانوا في صف معاوية بن أبي سفيان ولم يكونوا في صف علي بن أبي طالب ولقد كان معاوية يتخذ من أهل الشام مساعدين ومسؤولين للمهام الكبرى.. حتى أنه أوصى ابنه يزيدا بأن يجعل منهم أعوانا له ورعية وأن يأمر كل من ينفذ مأمورية له خارج الشام بالعودة إليه لأن معاوية كان يرى أن أهل الشام إذا أقاموا في غير بلادهم تغيرت أخلاقهم.
استقل معاوية بالشام بعد الخلاف مع علي بن أبي طالب واستقل معاوية بحكم الشام بعد أن أعلن نفسه فيها خليفة.. وكان ذلك هو الخلاف الأشهر في التاريخ الإسلامي..
فهل ترى أن كان بإمكانهم حسم الخلاف مبكرا؟