هل سمعت من قبل عن الثورة التي أشعلها الحسين بن علي وبني عمومته على ولاة الدولة العباسية؟ كان هذا الحسن بن علي “العابد” والذي أشعل ثورة في المدينة المنورة وانتقلت أصدائها في مكة المكرمة لتنتهي نهاية مأساوية وتكون بقعة سوداء في تاريخ الدولة العباسية، يوم فك جنود الدولة العباسية إحرامهم وارتدوا دروعهم وقاموا بإزهاق حياة حفيدِ رسول الله
حسين تلك القصة هو واحد من أعلام آل بيت الرسول (ص) في العصر العباسي، وهو حفيدُ حفيدِ الحسنِ بن علي رضي الله عنهما. كان الحسين بن علي جوادًا معطاءً، ومن حكايات عطاءاته أنه تصدق بمبلغٍ يقارب 40 ألف دينار وهو مبلغ هائل الضخامة في ذلك الوقت، ووزعه بالكامل على فقراء بغداد والكوفة. وكان يكسو خدامه بالثياب الجديدة، ويذكر أنه استدان أكثر من مرة بسبب صدقاته الغزيرة.
ثورة محمد النفس الزكية
لكن إخفاق ثورة محمد النفس الزكية عام 145هـ، وقمع الجيوش العباسية لها وسَحق أنصارها، أنشأ حالة من الكرة الشديد في قلب الحسين بن علي، الذي تشبع برغبة شديدة في الثأر لأهله من العباسيين.
لكنه ظل ساكنا يتحين فرصته لسنوات، وكان يتواصل سرًّا مع أنصار آل البيت من أجل الاستعداد للحظة مناسبة تشتعل فيها الثورة مرة أخرى ضد العباسيين، لكن ما حدث عجَّل ميعاد ثورتهم بالمدينة المنورة.
والي المدينة العباسي كان يفرض قبضةً حديديةً على آل البيت في المدينة، وعلى رأسهم الحسين بن علي وأقرباؤه.
وكان يطلب حضورهم يوميًّا إليه بين يديه ليتأكد من وجودهم تحت قبضته، وفي يوم من الأيام غاب أحد أهل البيت عن الحضور، فهدَّد الوالي الحسين بن علي باعتقاله وبإلهاب ظهره بألفِ جلدة إن لم يحضِر مَن تغيَّب.
وهو ما أجبر الحسين بن علي وأنصاره بتقديم الخطة والهجوم على قصر الوالي بعد صلاة الفجر في يومها مباشرةً.
وفي صلاة الفجر أعلن الحسين الثورة على الوالي، وبالتوازي مع ذلك، كانت قوة من الثائرين تتجه نحو بيت الوالي للقضاء عليه، لكنه استطاع الهرب.
وفورا وصل العشرات من جنود الخلافة العباسية فقضى عليهم أنصار الحسين، وانتصر الثوار في الجولة الأولى، ثم حاول الوالي مع بعض قواته الهجوم على الثوار وإخراجهم من الحرم، فهزموه وهرب، ثم اندفعوا إلى بيت المال، ونهبوا ما كان فيه من الأموال وكانت تقارب في أرجح الروايات 12 ألف دينار.
وفي اليوم التالي كانت المدينة المنورة على موعد مع صراع عنيف في بين أنصار الحسين بن علي وأنصار العباسيين.
وبعد نزال قوي انتصر أنصار الحسين بن علي وخضعت له المدينة المنورة، ليبدأ بعدها استعدادته للذهاب مكة المكرمة ولسيطرة عليها.
في مكة كانت الأجواء متوترة، فأنباء الثورة في المدينة وتحرك الثوار نحوهم كلها كانت أنباء تنذر بنزاع وشيك داخل الحرم.
دخل الثوار مكة ولكن ولسوء حظهم، كان في مكة المئات من جنود العباسيين المحرمين الذين أتوا يحرسون قوافل الحج، وعندما رأوا الثوار فكوا لباس الحرم وارتدوا الدروع وتجهزوا للمعركة.
وفي منطقة تدعى «فخ»، وفي يوم التروية من ذي الحجة عام 169هـ دارت رحى الصراع، وحسمه الفارق العددي بين الجيشين في ساعات قليلة.
وسقط الحسين الثاني شهيدا كما سقط جده الأول من قبل، وقرر العباسيون إنهاء حيوات الأسرى من نسل آل بيت النبي.
وعندما حملت رأس الحسين الثاني للخليفة العباسي الهادي، تغيَّر مزاجه وتكدَّر، وكاد يعاقب حامليها ثم اكتفى بحرمانهم من الحصول الجائزة. وغضب غضبًا شديدًا على من أمر بإنهاء حياة الحسين وعاقبه وأنزل رتبته إلى سائسٍ للدواب.