في الوسط من جزيرة الزمالك ينتصب واحدًا من أكثر الأبراج إثارة في تاريخ مصر، برج القاهرة، الصفعة الأكثر تأثيرًا على وجه الولايات المتحدة الأمريكية، والتي وجهها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر.. فما هي قصة بناء البرج؟
بناء البرج على إرادة الأمريكان
في خضم الدعم اللامتناهي الذي قدمته القيادة المصرية في منتصف الخمسينات من القرن الماضي للثورة العربية الجزائرية، أرادت الولايات المتحدة الأمريكية أن تُحيد الدور المصري في تلك الانتفاضة، فأودعت مبلغ ستة ملايين جنيه مصري في شكل منحة لدعم البنية التحتية المصرية.
كان الأمر في ظاهرة منحة مالية، لكن في باطنه كانت رشوة حاول الأمريكان بها شراء ذمة المصريين، وقد كانت مصر وقتها في أمس الحاجة للأموال التي قدمها الأمريكان، إلا أن الرغبة في ترك بصمة على وجههم حالت دون ذلك، فلم يتخلى ناصر عن ولائه، وكان جوابه على طلب الأمريكان “لا” طويلة بطول البرج العتيق.
ملحمة بناء البرج
صمم المهندس المصري نعوم شبيب برج القاهرة على شكل ظاهرة اللوتس الفرعونية، باعتبارها رمز حضارة المصريين العتيقة، وراعى شبيب في تصميمه للبرج أن يكون أعلى من ارتفاع الهرم الأكبر ب ٤٣ مترًا، حيث يصل طوله إلى ١٨٧ مترًا كاملة.
يتكون البرج الذي يقع في قلب القاهرة من ستة عشر طابقًا، يوجد في الطابق قبل الأخير منها مطعم سياحي على منصة دوارة، يستقبل أكثر من مائة شخص في نفس الوقت، ويمكنهم من الاطلاع على كل معالم القاهرة من جميع الزوايا.
أما قمة البرج فتكفل رؤية بانورامية كاملة لأحياء القاهرة الكبرى، وكذلك الأهرامات وأبو الهول ونهر النيل ومبنى التليفزيون وقلعة صلاح الدين، فيما يكسو الجدار الخارجي الشكل الشبكي، وقد استغرق بناء البرج الأطول في مصر خمس سنوات كاملة بين عامي 1956 و1961.
كان لابد أن تضاهي قاعدة البرج بهاء تصميمه، فكانت قاعدته من الجرانيت الأسواني الذي كان يستخدم في المعابد الفرعونية القديمة، حتى يحمل هذا البناء الضخم، فيما شارك أفراد من مختلف فئات وأطياف الشعب المصري في ملحمة بناء البرج، حيث اشترك في بنائه ٥٠٠ عامل ومشرف.
كيف تناول المصريون قصة بناء البرج؟
لم تمر قصة بناء البرج الأطول في العالم وقتها بعد برج إيڤل على المصريين مرور الكرام، حيث استمرت قصة بناء السد على لسان الشعب المصري لفترات طويلة، وعلى الرغم من أن تلك الفترة من التاريخ المصري خاصة وتاريخ المنطقة على وجه العموم كانت بها الكثير من الصعاب، إلا أن المصريين لم يفوتوا على أنفسهم تلك الفرصة، في تناول السذاجة الأمريكية في روتينهم اليومي.
وقْف روزفلت، بالطبع هي الكلمة الأكثر شهرة وتناولًا من منتصف الخمسينات وحتى افتتاح الرئيس عبد الناصر للبرج في مطلع الستينات، حيث تشير إلى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق فرانكلين روزفلت، رغم أنه لم يكن ذلك الشخص الذي قدم المنحة وطالب عبدالناصر بالبعد عن ثورة الجزائر، وإنما كانت في عهد داويت إيزنهاور، وتم الافتتاح في عهد جون كينيدي.