وعد رئيس تلك الطائفة أتباعه بتحقق الرؤية المقدسة.. وما أعظمها من رؤية حيث أنها رؤية نبي وثقت اسمه الكتب المقدسة.. لكن مصيرهم كان الاختفاء في نهاية المطاف.. فما ملابسات أولئك الذين نالوا ذلك المصير؟
هناك في بلدة ماليندي الساحلية بكينيا كان زعيم تلك الطائفة يلزم أتباعه قدر المستطاع بتنفيذ مطالبه وتلبية رغباته حتى يتحقق لهم المراد ويصبحوا متفردين بالمزايا الربانية.
هدف نبيل وأمنية تستحق المزيد
إن التضحية في تلك الحالة واجبة على أصحاب النفوس السوية الراغبة في رؤية نبي من الأنبياء .. ومن ذلك الذي يستكثر تكلفة أي أمر مهما كان المجهود المطلوب بشأنه؟ لكي يرى المسيح عليه السلام.
هكذا ترسخ في أذهان مريدي الراهب وتعليماته وقوة أسلوبه وإبهار منطقه.. حيث بدا أمام سامعيه نجما يسطع في سماء الهداية الربانية.. لتشهد الأراضي الكينية بعد ذلك التوجه الغريب الذي نشره الواعظ بين أتباعه واقعة أغرب من الخيال.
تفاصيل صعبة في برنامج قاس
وعد الواعظ «بول ماكنزي» أتباعه وأخذ يزين لهم الهدف الأسمي من البرامج التي سيخضعون لها حيث سيرون نبيا من الأنبياء تستحق رؤيته أن يحتمل الإنسان كل شئ من أجل أن يتحقق له مطلبه.
جلس زعيم الطائفة في دار العبادة وأخذ يضع تفاصيل برنامج الرؤية المقدس؛ على أمل أن يتحقق للمريدين الهدف الذين عاشوا زمنا يكافحون من أجله ويريدون تحقيقه حتى لو كلفهم ذلك أعمارهم.
شروط فوق قدرة البشر
كان البرنامج الذي وضعه الواعظ يتضمن صعوبات لا يمكن لبشر أن يحتملها وكانت الشروط تتطلب أن يحرم المريدون أنفسهم من الطعام ويصبرون على ذلك صبرا جميلا دون شكوى أو اعتراض حيث يؤمن أبناء تلك الطائفة بأن المريد عليه أن يُلغي عقله ويتبع الواعظ.
لا مجال للاعتراض ولا سبيل إلى النقد .. لأن المريد عليه أن يسلم نفسه تماما إلى زعيم الطائفة ينفذ قراراته ويتبع تعليماته دون أن يترك لنفسه مجالا للتفكير أو دراسة مدى منطقية التعليمات الصادرة له.
صوم بلا نهاية
الشرط الأول لبرنامج التعبد الذي وضعه زعيم تلك الطائفة يتضمن الاستجابة للتعليمات المقدسة بالبقاء في برك مياه قبل الدخول في فترة مفتوحة للصوم غير محدد النهاية.. على أن تسري تلك التعليمات على الصغير والكبير.
وكان مقررا أن تخضع ثلاث قرى في كينيا إلى المبادئ المقدسة التي يدعو إليها زعيم تلك الطائفة الذي كثيرا ما ردد أمامهم أنه حاصل على تفويض من السماء وأن التعليمات التي يصدرها والوعظ الذي يبثه في صدور أتباعه أمر فوق مستوى العقل البشري!!!!
قداسة رسمها الوهم
ضمن ذلك الإطار النفسي الذي وضعه الراهب لصورته نوعا من القداسة في نفوس أتباعه خصوصا مع شروط تحصين التعليمات التي لا تقبل الجدل أو النقاش أو توجيه النقد إليها.. وظل أتباعه على موقفهم ملتزمين بتنفيذ التعليمات إلى أن فقد واحد وعشرين شخصا منهم حياتهم في البداية .. ثم وصل عدد الضحايا إلى ٥٠ شخصا .
أظهر التحليل المبدئي بشأن الراحلين أن ثمة شبهة تتعلق بنهاية حياتهم وتبين أنهم خضعوا لفترات صوم غير محدد النهاية وتم حرمانهم من الطعام إلى أن فقدوا القدرة على الحركة ومن بعدها فقدوا حياتهم.
تم توقيف الراهب للمساءلة القضائية وبدأت السلطات التحقيق في واحدة من أغرب القضايا التي انساق فيها مريدو زعيم الطائفة إليه دون علم أو إعمال صوت العقل.