ترتبط مصر القديمة في أذهان العالم بعصر الفراعنة، التي بدأت مع عصر الأسرات وتوحيد القطرين عام 3100 قبل الميلاد، لكن مالا يعرفه الكثيرون أن هناك حضارات أخرى سبقت تلك الحضارة الفرعونية، لكن ما هي وكيف اختفت هذا ما سنعرفه في التالي:
كشف علماء بريطانيون ضمن بعثة متخصصة في الكشف عن الحقبة ما قبل العصر الفرعوني، عن وجود حضارة مصرية أخرى أو أولى كانت تسمى بالعصر الحجري الممتد في الفترة من 9300 و4000 قبل الميلاد.
وأكد العلماء أنهم خلال دراستهم التي استمرت أكثر من 16 عامًا، في الصحراء الغربية، عملوا خلالها على حل غموض محتويات ثلاث مقابر ، اكتشفوا أن هذا المجتمع كان يتمتع بمعدلات وفيات منخفضة بين الأطفال، وكانت قاماتهم طويلة وتمتعوا بعمر طويل.
حيث بلغ متوسط طول الرجال 170 سم، بينما كانت النساء نحو 160 سم، وعاش معظم الرجال والنساء بعد 40 عاماً، وبلغ البعض سن الخمسين من العمر.
وعلى النقيض من هذه المقابر الثلاث حفر أعضاء البعثة بين عامي 2009 و2016 مقبرتين أخريين كانتا مختلفتين للغاية، فبعد تحليل 130 هيكلاً عظمياً آخر.
اكتشفوا أنّ عدداً قليلاً من المصنوعات اليدوية رافقتهم، وأنّهم عانوا من وفيات الأطفال المرتفعة وكذلك قصر العمر والقامة، حيث كانوا أقصر عدة سنتيمترات وكانوا أقل في العمر نحو عشر سنوات.
الأمر الأكثر دهشة في الموضوع، هو أن العلماء اكتشفوا منطقة دفن خاصة للرضع، والتي صُنفت فيما بعد بأنها أقدم مقبرة للرضّع معروفة في العالم.
ويعود ذلك إلى كونهم كانوا يعتبرون الرضيع البالغ من العمر 3 سنوات شخص بالغ، نظرًا لقصر أعمارهم، ولذلك كان يُدفن كالبالغين.
أما الأغرب بقى، فهو أنهم أكدوا أن الرجال في ذلك العصر أمنوا بتعدد الزوجات، حيث اكتشفوا من خلال تلك المقابر أن نسبة الجنس الإجمالية هي ثلاث نساء لكل رجل، ما يؤكد تلك النظرية.
ويقول دكتور جاسيك كاباسينسكي مدير البعثة، إنّ هذه المؤشرات السلوكية، إلى جانب دوائر التقويم وأدوات التجميل والأسلحة وغيرها، من الأشياء التي عُثر عليها، تنطوي على مستوى من التطور يتجاوز بكثير مستوى الرّعاة البسطاء.
ويضيف أنّ كل ذلك يجعلنا نرى صلة بين المجتمعات الرّعوية التي سكنت الصحراء الغربية في الألفية الخامسة قبل الميلاد وبداية الدولة المصرية.
حيث هاجرت على الأرجح هذه المجتمعات إلى وادي النيل في نهاية العصر الحجري الحديث بسبب التصحر المكثف في هذه المنطقة،
وأثّرت بشدّة على الوضع الاجتماعي في وادي النيل قبل ظهور عصر الأسرات، ومهّدت للإنجازات الحضارية التي شهدها هذا العصر.
أما بسام الشماع الكاتب في علم البصريات، فقد قال إن العلماء كانوا يعتقدون قبل تلك الدراسة أن متوسط سن الوفاة في عصر ما قبل الأسرات 30 عاماً، وزاد في عصر الأسرات إلى 35 عاماً.
مضيفًا: “لكنّنا الآن أمام دليل علمي يقول إنّ هناك من عاشوا في عصر ما قبل الأسرات أكثر من 40 عاماً، ووصل بعضهم إلى سن الخمسين”.
ويشير الشماع إلى العثور على قواقع بحرية في المقابر، وهذا يرجع إلى احتمالين، أحدهما أنّ هناك تجارة كانت قائمة بين السكان الذين استوطنوا هذه المنطقة القاحلة من الصحراء الغربية ومناطق أخرى.
أما الثاني، فهو أنّها حفريات عُثر عليها في طبقات الأرض بتلك المنطقة التي كانت ضمن نطاق بحر كبير في عصور ما قبل ظهور الإنسان.