هو سلطان حيّر أمره الكثيرون، حيث شاهد الكثير من المواقف الصعبة في فترة طفولته والتي قضاها في كنف حريم القصر، تم عزله مرة ثم ما لبس أن عاد للحكم ثانية ولكنه في تلك المرة لم يكن كسابقتها، حيث عرف طريق الصوفية وعشقها فوصفوه بالمجذوب السلطان والدرويش، حتى أن لقب درش الذي يطلق على كل ما هو مصطفى حاليًا بدء من عنده، فمن هو السلطان مصطفى الأول أول درش في التاريخ، هذا ما سنعرفه في تقريرنا التالي:
البداية كانت مع ذلك الصبي الذي ولد وسط عائلة الملوك والسلاطين بالدولة العثمانية، فبين معارك وصراعات بين أفراد الأسرة ذاتها، راح ضحيتها شقيقه الأكبر على يد أبيه.
ظل الصبي مُترقب مصيره هو الآخر، فبين لحظة والأخرى قد يكون نفسه ذلك هو الأخير، حتى تولى عرش البلاد عام 1617، بعد رحيل شقيقه الأكبر أحمد الأول.
كان مصطفى حينها لم يكمل الـ26 عامًا من عمره، ولكنه كان يُعاني من الخوف والقلق الشديد من كل شيء، قصة تتويج مصطفى رغم وصفه في التاريخ بالسلطان المجنون أو المجذوب، كانت لمجرد حفظ المنصب من أجل ابن أخيه، وحين اشتد عضد ابن أخيه قاموا بعزل مصطفى بأمر من أمه وزوجة أخيه.
وظل مصطفى في عزله لمدة 4 سنوات حتى تخلص الانكشاريين من عثمان الثاني بن أخيه، وهم فئة من العثمانيين كانوا يسيطرون على الوزارات والقضاء ويستغلون السلاطين لصالحهم.
وتم تنصيب مصطفى مجددًا سلطانًا للبلاد رغم عدم سلامة قواه العقلية، لكن هؤلاء الانكشاريين رأوا فيه فرصتهم للسيطرة على مقاليد الحكم خلف ستار مصطفى الذي ذهب عقله بعيدًا في حفلات الصوفية ومجالسهم، فضلًا عن أزمته النفسية، فضاعت السلطنة وعانى شعبه من الجوع والفقر والظلم.
لم يبالي السلطان مصطفى الأول لكل ذلك وأكمل سهراته مع الصوفيين، فيما كان يقضي نهار يومه في التعبد والزهد، وعلى الجانب الآخر، ظلت الفوضى تنتشر في البلاد لمدة 18 شهرا، حتى طفح الكيل بالأهالي وسكان القسطنطينية نتيجة اعتداءات الإنكشارية، فنصبوا رجلًا يدعى كمانكش علي باشا صدرا أعظم.
حياة مصطفى دفعت كمانكش لعزله، وتعيين ابن أخيه بدلًا منه، فعاد مجددًا إلى جناح الحريم والذي قضي به 16 عامًا بين التزهد والتعبد والصوفية، فقد كان مهووسًا بها.
حتى رحل تاركًا ورائه قصة لا يعلم عنها شيء وشعب لا يكره في تاريخه سوى فترات حكمه وما سبقها، لكنهم كانوا دومًا مُشفقين عليه، ذلك الحاكم الذي لم يكن سوى دومية يحركها الطامعين في النفوذ كيفما أرادوا.
أما قصة درش أو دريش، فجاءت حينما انضم مصطفى للصوفيين، وكانوا يطلقون على من ينضم إليهم لقب درويش.
ومن هنا قال عنه شيخ الإسلام يحيى أفندي: ” السلطان مصطفى مجذوب لله، وهو سلطان درويش”، ومع مرور الزمن تم تحريف اللقب من درويش إلى درش. وبات كل مصطفى يُلقب درش.