قصة المسألة الزنبورية أنهت حياة سيبويه

لم يكن إمام نحاة البصرة يعلم ما يدبر له في الكوفة عندما عقدت المناظرة بينه وبين نظيرة الكسائي فاندفع للمناظرة بثقة تامة ما هي المسألة التي عجز سيبويه عن الإجابة عليها ؟

قيل أن سيبويه إمام نحاة البصرة قَدم إلى بغداد ضيفاً على الخليفة هارون الرشيد ووزيره يحيى البرمكي فأراد الوزير البرمكي أن يجمع بين سيبويه والكسائي إمام نحاة الكوفة وشيخ القراءات وكان الصراع بين الكوفيين والبصريين يومئذ على أشده في جميع نواحي العلوم

وحين حضر سيبويه لمجلس البرمكي تقدم إليه تلاميذ الكسائي فسأله أحدهم وهو علي بن المبارك الأحمر ثلاثة أسئلة أخطأ سيبويه في جميعها ثم سأله آخر عن مسألة فأخطأ فأعاد عليه نفس السؤال ومازال سيبويه يجيب ولا يصيب . قال : فلما كثر ذلك قال : لست أكلمكما أو يحضر صاحبكما حتى أناظره .

وحين حضر الكسائي أقبل عليه سيبويه فقال : تسألني أو أسألك ؟ فقال : لا ، بل سلني أنت . فأقبل عليه الكسائي فقال له : كيف تقول : قد كنت أظن أن العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا هو هي ، أو فإذا هو إياها ، فقال سيبويه : فإذا هو هي . ولا يجوز النصب . فقال له الكسائي : لحنت ليس هذا كلام العرب . ثم سأله في مسائل من هذا النوع ومازال سيبويه علي رأيه وقدم الحجج على رأيه

فقال الوزير البرمكي ما نفعل وقد اختلفتما وأنتما رئيسا بلديكما من يحكم بينكم ؟ فقال هذه العرب ببابك، وهم فصحاء اللغة، وسمع منهم أهل البصرة وأهل الكوفة، فيحضرون ويسألون، فأمر الوزير بإحضارهم ، فدخل العرب وفيهم أبو فَقْعَس وأبو زياد وأبو الجراح وأبو ثَرْوَان، فسئلوا عن المسائل، فوافقوا الكسائي وأيدوا رأيه فأقبل البرمكي على سيبويه فقال: قد تسمع، وأقبل الكسائي على يحيى: وقال أصلح الله الوزير! إنه وَفَدَ عليك من بلده مؤملًا، فإن رأيت أن لا ترده خائبًا، فأمل له بعشرة آلاف درهم، فخرج وتوجه نحو فارس، ولم يعد إلى البصرة.
قيل : إن العرب قد أرشوا على ذلك ، أو إنهم علموا منزلة الكسائى عند الوزير ، ويقال : إنهم قالوا : القول قول الكسائي ، ولم ينطقوا بالنصب
لم تمضى فترة كبيرة بعد هذه الواقعة حتى توفى سيبويه في الثلاثين من عمره وفي قلبه شئ من خسارته في المناظرة الشهيرة التي أصبحت تعرف بالمسألة الزنبورية
وقد نظم الشاعر أَبُو الْحسن القرطاجني أبياتاً في هذه المسألة فقال ، لذاك أعيت على الأفهام مسألة * أهدت إلى سيبويه الحتف والغُمما، قد كانت العقرب العوجاء أحسبها * قدما أشدّ من الزنبور وقعَ حُما

برأيك هل تعمد الكسائي إهانة سيبويه مما أودي بحياته ؟

Exit mobile version