هي قصة أبطالها الراحلين قبل الأحياء، المساجين قبل الملوك، قصة كنز الذهب المخفي في باطن الأرض من الأجداد.. ماهي قصة الجرة التي طمع بها الملك؟
منذ عهد القدماء المصريين والمدافن لدى المصريين لها شأن وقدر كبير، فحرص المصري على مر العصور على اقتناء المدفن له ولعائلته من بعده، حتى ازدحمت القاهرة بالكثير من المدافن.
وتعد مدافن الغفير من أشهر المدافن، فهي ذات طابع خاص، فتضم مدافن الخاصية الملكية فدفن بها أشهر المماليك مثل قشتمر والسلطان الظاهر وقايتباي وغيرهم من المماليك وتحمل الشوارع أسماءهم مثل الأمير شمس الدين وقرقماش وقنصوة والملك المظفر والأمير حوش قدم.
وتبدأ قصتنا في عام 1945 بينما العالم كله يتابع نهاية وختام المواجهة العالمية الثانية، في أوروبا، كان هناك على الجانب الآخر من المتوسط في القاهرة، بعض المساجين يقومون بتمهيد الطرق بمنطقة مدافن الغفير، عثر أحد الأفراد أثناء الحفر على جرة ضخمة مدفونة في الرمال، وعندما حاول رفعها من مكانها لم يستطع فأخذ يصيح قائلا: الكنز .. الكنز كأنه يعلم بما تحتويه هذه الجرة.
وبالفعل تجمع المساجين والحراس وهم في أشد الفضول لمعرفة ما بداخلها .. وعلت الدهشة وجوهم عندما اكتشفوا أن الجرة مملوءة فعلا بالذهب الخالص وبعض العملات المعدنية القديمة.
وحضر على الفور بعض الجنود لمحاصرة المكان كما حضر بعض كبار موظفي مصلحة الآثار الذين قرروا نقل الجرة وما فيها إلى دار مصلحة الآثار لجرد محتوياتها بحسب ما نشرته جريدة أخبار اليوم في 9 أغسطس عام 1952.
وبالفعل تم نقلها وتم عمل محضر جرد بما تحتويه هذه الجرة وهو عبارة عن 571 قطعة ذهب من الحجم الكبير و 50 قطعة من الحجم الصغير وبعد فحصها تبين أنها ترجع إلى العصر الإسلامي.
إلا أن الأحداث أصبحت تأخذ منحنى آخر عندما، قام “مسيو دريتون” مدير مصلحة الآثار المصرية الفرنسي الجنسية الذي عينه الملك فاروق مسئولا عن الآثار في مصر بإبلاغ نبأ الاكتشاف إلى الملك فاروق الذي كلف صديقة وحارسه الشخصي “مسيو بوللى” ومندوبا أخر بالتوجه إلى مصلحة الآثار ونقل الجرة إلى قصر القبة، ليتعرف الملك فاروق على الكنز الذي ظهر في المدافن.
وظلت الجرة هناك في حيازة الملك أربعة أشهر ثم أعيدت بعدها فارغة إلا من قطع صغيرة لا قيمة لها وقيل للمسئولين بوزارة الآثار أن الملك احتفظ بمحتويات الجرة على سبيل التذكار.
ولم يعرف أحد مصير الذهب، ولم يرد ذكره في أي من المتاحف التي جمعت كنوز الأسرة المالكة بعد رحيل الملك فاروق.
ليكون ذهب الجارة أحد النقاط السوداء في تاريخ الملك فاروق، والذي كان معروفًا عنه أنه عاشق للعب القمار، والذي تحول من مقامر عن طريق الصدفة بدعوة من الأميرة شويكار زوجة فؤاد الأولى، والد فاروق، والتي أغرت الملك الشاب فاروق بدعوات إلى قصرها، حيث الآن مقر رئاسة الوزراء بشارع قصر العينى، للعب «برتيتات صغيرة» مع عدد من الضيوف المنتقين، وتحول إلى «مقامر محترف» لا يرى في حياته سوى موائد القمار ورفقاء القمار سرى القمار فى دمه حتى أصبح العرش كله «برتيتة قمار» راهن عليها، وكان طبيعيا أن يخسر فقد ندر أن كسب لاعبا فى القمار.. فهل خسر ذهب الجرة في القمار؟