ارتكب ما لا يصدقه بشر وحارب دينا كان مؤتمنا عليه بعد أن ظنَّ أن لا أحدا يقدر عليه . اعتاد دائما مخالفة القواعد والخروج عن المألوف . فإمامة الصلاة لديه للمرأة حلال.. والزواج من المحارم لا حرج فيه .. أما المصحف فقد كانت له معه حكاية عجيبة.. تعالوا نتعرف على مصير ذلك الحاكم بعدما فعله في دين الله.
إنه الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، الذي حكم الخلافة الأموية عاما أو يزيد لكنه أذاق فيه البلاد والعباد مرَّ سفهه وفسقه.. ولم يكن يراعي للدين حرمة ولا للقرآن قداسة فتعرض الإسلام منه إلى ما لم يحدث من حاكم غير مسلم. .
حج غير مبرور
حتى حينما أراد الحج وهو الذي كان يستطيع إليه سبيلا أراده من أجل أن يشرب المنكر فوق الكعبة ولم يكن صباه الذي منعه من تولي الخلافة بعد رحيل أبيه بشكل مباشر حيث تولاها أخوه هشام بشكل مؤقت حتى اعتلى هو عرش الحكم.. لم يكن صباه ذلك مرتبطا بمرحلة عمرية معينة فقد ظل يمارس أفعالا صبيانية بعد وصوله إلى الحكم.
بلغ من استخفافه بحدود الله أنه أمر واحدة ممن يملكهن بأن تصلي بالناس بثيابه بعد لقائه وهي غير مؤهلة لذلك شرعا ولا عقلا، وحتى عندما أراد أن يتفاءل بكتاب الله فعل به ما لم يفعله مناهضو الدين..
محاولة تدين تنتهي بأزمة
أراد الوليد أن «يستفتح» أو بمعنى آخر أن يتفاءل بآية من كتاب الله عندما يفتح المصحف لتكون تلك الآية مصدر التفاؤل والخير له قبل الإقدام على أمر هام وحينما فتح كتاب الله وجد الآية الكريمة:
وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ
وهنا استشاط الوليد غضبا ومزق المصحف الشريف.
بل إنه قال:
أتُوعِدُ كُلَّ جبارٍ عنيدْ * * فها أنا ذاك جبارٌ عنيدْ
إِذا ما جئتَ ربَّكَ يومَ حشرٍ * * فقل ياربُّ مزَّقنِى الوليدْ
وكان ذلك أشد ما يقوله بشر في حق كتاب الله.. لكنه من الوليد متوقع بعد ما روي عنه من أخلاق منافية للدين وسلوكيات ما أنزل الله بها من سلطان.
مبررات واهية للدفاع عمن لا يستحق
حاول البعض الدفاع عن الوليد بادعاء أن ما تردد بشأنه مجرد شائعات تم إلصاقها به على غير الحقيقة لكن واقع خلافته التي لم تتجاوز أربعة عشر شهرا كانت مليئة بالتناقضات فعرف عنه حب اللهو والانغماس في الترفيه على حساب الحكم ووصمته إدانات أخلاقية صعبة.
لم يحتمل الناس كثيرا تلك الحماقات ووجد الوليد نفسه رهن التوقيف أمام تجمع كبير من البشر وأخذ يستعطف الناس زاعما أنه أغدق عليهم ورفع عنهم الأعباء لكنهم زجروه لاستخفافه بأوامر الله.
عدل الله ذو حكمة بالغة
كان عدل الله إلى الوليد أسرع من ظلمه للناس وتطاوله على الدين، حتى أنهيت حياته في مكان كان يعتاد الذهاب إليه للترفيه وحمل رأسه إلى دمشق ووضع في جامعها وتلطخت جدرانه بآثاره إلى أن جاء الخليفة المأمون وأزال الرأس المعلق..
رحل الوليد ومعه طويت صفحة حالكة في التاريخ الإسلامي بعد أن اتبع هواه وظن أنه قادر على مواجهة السماء لكن كان عدل الله أسرع.