رجل يعرفه الجميع ولا يراه أحد، عاصر 6 رؤساء و12 حكومة في الجزائر، وصف بصانع الرؤساء، والرجل الغامض،
تدرب على يد الاستخبارات الروسية واختلف الجزائريون عليه، فمن هو الجنرال توفيق صانع رؤساء الجزائر؟
محمد الأمين مدين والمعروف باسم الجنرال توفيق، عسكري جزائري، تربع على عرش المخابرات لعقدين ونصف، بعيد عن الإعلام لا يعرف الجزائريون عنه الكثير، ولا يوجد أي صورة رسمية له ما عدا صورتين تم تسريبهما في مواقع التواصل الاجتماعي، وصف بألقاب عديدة، منها الرجل الغامض والرجل القوي وصانع الرؤساء عايش ستة رؤساء و12 رئيس حكومة، إلى أنهى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مساره وأحاله على التقاعد.
ولد محمد مدين عام1939 بمنطقة قنزات الواقعة بين ولايتي سطيف وبجاية، وانتقل مع عائلته منذ الصغر للعيش في العاصمة، لم يكمل دراسته كأغلبية الشعب الجزائري حينها، والتحق بصفوف التحرير ضد الاستعمار الفرنسي، وتلقى أول تدريب عسكري له في تونس على يد مسؤوله المستقبلي وزير الدفاع السابق خالد نزار.
وخلال الأزمة التي حدثت عام 1954 عمل محمد مدين ميكانيكياً في إحدى البواخر التجارية، ثم جند عام 1958 وأُلحق بمصلحة التنصت في وزارة التسليح والعلاقات العامة ولقب حينها بـاسم”توفيق” وهو الاسم الذي رافقه بعد ذلك.
وبعد تحرير الجزائر شغل توفيق منصب ضابط مخابرات في الناحية العسكرية الثانية بوهران، تحت قيادة من سيصبح حاكم الجزائر لاحقا العقيد الشاذلي بن جديد، كما استفاد وهو برتبة ملازم من دورة متخصصة لدى المخابرات السوفياتية (كي جي بي) في موسكو، وتدرج في مناصب كثيرة كما عين كملحق عسكري في سفارة الجزائر بليبيا ثم عاد بعدها إلى الجزائر للعمل في عدة مناصب، أبرزها المدير المركزي لأمن الجيش عام 1988، وفي عام 1990 عين وهو برتبة عقيد على رأس دائرة الاستعلام والأمن وهي “المخابرات الجزائرية”.
برز اسم توفيق بعدها، ففي عام 1992واجه الجنرال توفيق أزمة أمنية كبيرة عقب إلغاء الانتخابات البرلمانية بعدما فازت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ بأغلبية المقاعد، حيث عاشت الجزائر وضعا صعبا للغاية و راح ضحية تلك الأزمة التي شهدتها الجزائر أكثر من مئتي ألف جزائري، وخلال هذه الفترة تحول جهاز المخابرات إلى أداء مهام مكافحة الخارجين عن القانون بعد سنوات من العمل كشرطة سياسية تلاحق المعارضين، لكن الجهاز وبعد تجاوز هذه المرحلة، دخل على خط التحقيقات في قضايا الفساد.
وتمكن الجنرال توفيق بعدها من السيطرة على كل أجهزة المخابرات التي اخترقت كل المؤسسات المدنية والعسكرية، وكذلك مؤسسات الدولة والأحزاب السياسية، وذلك بمبرر حماية البلاد من الخارجين عن القانون والفساد، كما انه أصبح له اليد العليا في كل شيء، فبإشارة منه يولي هذا المسؤول ويعزل ذلك، حتى رفعه البعض إلى مقام الأسطورة، ووصفه آخرون بصانع الرؤساء.
إلا أن هذا الأمر لم يدم فبدأ دور الجنرال توفيق يتراجع وتأثيره يتقلص خاصة بعد حادثة الهجوم على منشأة تيقنتورين للغاز في عين أميناس جنوبي البلاد عام 2013.
في يوليوعام 2015قلده الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وسام الشجاعة، وبعد شهرين أنهى مشواره فجأة وأحاله على التقاعد، وبينما يعتبره بعض الجزائريين “منقذ للجمهورية يراه آخرون أنه سبب في مآس للبلاد ويجب محاكمته بسببها.