هو عالم له باع طويل في علوم الفيزياء والفلك ، ولكن موهبته في التعامل مع علم البصريات فاقت الحدود ، واعتبره العالم كله من رواد هذا العلم ، فقد تمكن من اكتشاف الآلية التي ترى بها العين الأشياء ، واخترع النظارة والعدسات والكاميرا بنظريات محكمة تتعلق بانكسار الضوء وزواييا الرؤية على الأسطح المتعددة ، كما أنه كان أول من اكتشف نظرية محكمة في الجاذبية ترتبط بسرعة الأجسام وسقوطها وعلاقتها بالفضاء، وكان هذا قبل ظهور نيوتن ونظريته الشهيرة بنحو 6 قرون .
إنه أبو على الحسن بن الهيثم الذي ولد في البصرة بأرض العراق عام 965 ميلادية ، وتجول في الكثير من البلدان وحصل الكثير من العلوم حتى استقر به المقام في مصر ، واشتغل الحسن بن الهيثم بنسخ الكتب كوسيلة للعيش بجوار الجامع الأزهر في عصر الحاكم بأمر الله الفاطمي ، واشتهر بمعرفته العميقة بالنظريات الرياضية حتى انه عدل العديد من النظريات التي وضعها العلماء من قبله مثل إقليدس وفرضيته الخامسة في البرهنة الرياضية .
رائد البصريات
يعتبر الحسن بن الهيثم رائدا في علم البصريات وقد استطاع أن يعرف آلية الإبصار بخلاف ما كانوا يعتقدون قديما أن العين ترسل أشعة على الموجودات فتبصرها ، ليثبت ابن الهيثم أن الذي يحدث هو أن الضوء يقع على الأشياء فتبصرها العين ولكن العين لا تصدر أية أشعة . واستطاع من خلال التوسع في علم البصريات صنع العدسات المختلفة التي تكبر وتصغر الأشياء بحساب انعكاس الشيء وانكساره على الماء ، وهو ما فسر نظرية قوس قزح بأنها انكسار لأشعة الشمس في الماء مخالفة بذلك رؤية أرسطو حول قوس قزحه الذي اعتبر سببه الشمس فقط .
اختراع الكاميرا
عرف ابن الهيثم كيف يدمج العلم النظري مع التطبيقي وانتبه مبكرا إلى قدرة المرايا المحدبة على تكبير الصورة ومن ثم استطاع ان يصنع العديد من العدسات المكبرة ويعالج الكثير من مشاكل النظر الشائعة الآن ، وكانت تلك بذرة النظارات ، كما أنه اخترع الكاميرا من خلال معرفة انعكسا الضوء على الأسطح وهو اول من استخدم الكاميرا ذات الفتحة في الأماكن المظلمة ، مستفيدا من نظريات انتشار الضوء وانكساه وانعكاسه على الأسطح المتنوعة ، وفي النهاية استطاع أن يخرج بصورة واضحة من خلال هذه النظريات .
حياته في مصر
حين هاجر ابن الهيثم إلى مصر التي قضى فيها معظم سنوات عمره ، استقر بجوار الجامع الأزهر ووصل خبر انجازاته وتفوقه إلى الحاكم بأمر الله الذي قرر تكليفه بمعالجة مشكلة الفيضان الذي تتعرض له البلاد ، وكلفه ببناء سد يمنع الفيضان ويحافظ على المياه ، وبالفعل رسم ابن الهيثم الرسوم التوضيحية ووضع الخطة المبدئية إلا أنه فشل في إنجاز هذا المشروع ، وحتى لا يتعرض للعقاب فقد اضطر إلى ادعاء أنه أصابته لوثة عقلية ، وهذا لم يمنع الحاكم بأمر الله من معاقبته ، فقام بتحديد إقامته لمدة عشر سنوات حتى رحيل الحاكم بأمر الله في ظروف غامضة .
طفرة في العلوم الطبيعية
شكلت إنجازات الحسن بن الهيثم طفرة كبيرة في العلوم الطبيعية ، خاصة في الرياضايات والفيزياء والبصريات والفلك ، واعتمدت اوربا على نظرياته وكتبه في الكثير من الاختراعات والاكتشافات الحديثة ، ليظل هذا العالم يمثل نموذجا فريدا من نوعه ، وإن كان قد كتب نحو مائة كتاب في العلوم المختلفة ، ولكن لم يصلنا إلا نصف هذه الكتب .. فترى أين ذهب النصف الباقي وهل تم إخفاؤه ليستفيد به البعض بطريقته الخاصة ؟