هنا المآثر والمكارم والبركات، حيث الليلة المباركة الأخرى بخلاف ليلة القدر. إنها «ليلة الجهني» التي روجوا لها وتركوا البحث عن الليالي الوترية وتقصي ليلة ثبتت بأنها خير من ألف شهر. فأي الليلتين أحق بالعبادة والإخلاص وفق النصوص الواردة.
اعتاد المسلمون مع دخول العشر الأواخر من رمضان تحري موعد ليلة القدر.. حيث يلتمسونها في تلك الأيام وذلك اتساقا مع النص القرآني في سورة حملت ذات الاسم إذ يقول الله تعالى:
لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ
ولا عجب في تحري ليلة القدر ومعرفة المزيد عن فضلها وبركتها لكن الغريب أن كثيرين يتعمدون تحري ما يعرف بـليلة الجهني في ذات التوقيت الذي يتحرى فيه المسلمون عن الليلة المباركة.. فما هي هذه الليلة وكيف حددوها ؟
سر هالة القداسة
ما سبب ظهور «ليلة الجهني» وما سر هالة القداسة التي تحيط بها؟حسم إجابة ذلك السؤال يقتضي التعرف على ليلة الجهني ومصدر الاهتمام بها حيث يروج كثيرون لفضل تلك الليلة بناء على حديث ينسبونه إلى الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – .
المآثر المرتبطة بليلة الجهني كثيرة لكن جميعها تظل أقاويل مالم يتم توثيقها بالأدلة الشرعية والعلمية الكافية.. ولطالما أدى ذلك إلى التباس لدى كثير من الناس مع تأكيد الداعين إلى ليلة الجهني على أنها توافق ليلة القدر في الثالث والعشرين من شهر رمضان الكريم.
ليلة «23» رمضان
وبرغم الادعاءات الرائجة في العشر الأواخر من شهر رمضان بأن ليلة الجهني ثابتة بالأحاديث الشريفة وهي ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان إلا أن تلك الإدعاءات مردود عليها بأنه ليس ثمة في الصحيحين حديث نبوي بشأن ليلة الجهني.
يروج المتمسكون بليلة الجهني لدليل تسميتها بذلك الاسم إلى حديث «عبد الله بن أنيس الجهني» الذي سأل الرسول الكريم عن ليلة القدر فعلم منه بأنها ليلة الثالث والعشرين من رمضان والتي عرفت بين أهل المدينة المنورة بأنها «ليلة الجهني».
سر تسمية ليلة الجهني
وفق الرواية الرائجة.. كان ذلك الصحابي يترك إبله وغنمه ويأتي إلى المسجد في ذلك الموعد الذي حدده الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم –
تباعا تم تداول تلك الرواية على نطاق واسع لدى كثيرين استنادا إلى الحديث المشار إليه وذهب أصحاب تلك الرواية إلى أن ليلة الجهني سميت بذلك الاسم نسبة إلى ذلك الصحابي « عبد الله بن أنيس الجهني» المنتمي إلى قبيلة جهينة، لكن رأي العديد من العلماء والفقهاء أن حديث ليلة الجهني في ليلة القدر ضعيف .
ومهما راج بشأن أواخر شهر رمضان الكريم وفضل العمل الصالح فيه.. يبقى الثابت من السنة النبوية الصحيحة أن ليلة القدر في يوم من الأيام العشر الأخيرة في شهر رمضان الكريم .. والمستحب فيها توجيه النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم – للصديقة بنت الصديق السيدة عائشة – رضي الله عنها – بأن تقول فيها: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عني.