ملحمة جلجامش الأعظم وعلاقته بنبي الله نوح

صاحب أقدم ملحمة عرفها التاريخ.. هو ملك أسطوري ثُلثيه إله وثلثه الأخر بشر ، خاض حروبًا عظيمة ضد الآلهة فقضى على الكثير منها، ارتبط مشواره باسم النبي نوح، كما تخطت روايته الكثير من التوقعات، فأصبحت أمام أسطورة سومرية لا تدري إن كانت حقيقة أم مجرد خيال لكاتب، إنها أسطورة الملك جلجامش، فما قصته؟

في البداية دعونا نذكر لكم كيف كُشفت تلك الأسطورة أو الملحمة. ففي عام 1853، كشفت الملحمة بالصدفة في موقع آثري تبين لاحقًا أنها المكتبة الشخصية للملك لشوري آشور بانيبال.
كُتبت الملحمة بخط مسماري مكونًا من إثنى عشر لوحًا طينية مكتوبة باللغة الأكادية. في نهاياتها توقيع لشخص يُدعى شين ئيقي ئونيني، حيث يُعتقد أنه كاتب هذه الملحمة.
ويُحتفظ بهذه الألواح الطينية حاليًا في المتحف البريطاني. أما الملحمة ذاتها، فبدأت في الألفية الثانية قبل الميلاد، حيث ولد جلجامش ملك أورك، خامس الملوك السوماريين.
والدته هي الألهه نينسون، ووالده بشرًا عاديًا، لذلك كان ثُلثيه إله والثلث الباقي بشر. بحسب الأساطير، باركته الألهة بالقوة والشجاعة والجمال.
كان في بداية حياته، قاسيًا في تعاملاته مع سكان مدينة أورك، حيث كان يستغل سلطاته في الكثير من التصرفات الغير أخلاقية مع النساء.
على إثر ذلك دعى سكان أورك الألهة بأن تجد لهم مخرجًا، فاستجابت لهم آلهة الخلق أرورو، وأرسلت رجلًا بريًا جبارًا يدعى أنكيدو.
يعيش حياته مع الحيوانات البرية ولا يقترب من البشر. وسرعان ما بدأ أنكيدو بمضايقة الرعاة والصيادين. حينها، أحس جلجامش بخطره فأرسل له خادمة المعبد وأسمها شامخات .
بعد سبع ليال قضاها أنكيدو في تلك الحياة برفقة شامخات، تحول لإنسان مُتحضر فتعلم المهن الحرة وساعد الرعاة والصيادين في عملهم. وبدأ أنكيدو يتحول لسد منيع يُعارض غرور جلجامش وتصرفاته القمعية ضد شعبه وخاصة المرأة.
وبعد معركة شرسة دارت بين الإثنين هزم جلجامش أنكيدو، ليصبح بعدها أعز الأصدقاء. وبعد فترة من صداقتهما قرر جلجامش السفر برفقة صديقه الوحيد أنكيدو إلى غابة الأرز المقدسة، ليتخلص من حارسها الشيطان هيمبابا. لم يكن سفره ذلك للثآر أو الانتقام وإنما بهدف التسلية، وكان يعلم أن ذلك سيغضب الآلهة لكنه لم يآبه لأحد.
وبعد تلك المغامرة التي قام بها مع صديقه الجديد، ذاع صيته وأصبح واسع الانتشار. فأعجبت عشتار آلهة الحب والحرب وابنة إله السماء آنو بجلجامش، وحينما دعته إليه رفضها بسبب سوء معاملتها لعشاقها السابقين. أحست عشتار بالإهانة فطلبت من والدها الانتقام لكبريائها، فأرسل والدها ثورًا من السماء.
لكن جلجامش تمكن من القضاء عليه بمساعدة صديقه. غضبت الآلهة غضبًا شديدًا وقررت التخلص من أنكيدو فقط، لأن جلجامش كان يسري في عروقه دم الألهة.
وسيطر الحزن على جلجامش ودمره رحيل رفيقه. الذي ذكره بحقيقته المُرة وهي الفناء، فعزم على تجنب ذات المصير، وقرر القيام برحلة محفوفة بالمخاطر لزيارة أوتنابشتم الذي تتشابه قصته مع قصة النبي نوح.
وكان أوتنابشتم وزوجته قد حصلا على الخلود، بعد نجاتهما من الطوفان. وخلال رحلته بالبحث عن أوتنابشتم التقى بألهة النبيذ سيدوري، التي نصحته بأن يعود إلى مدينته ولكنه صمم على لقاء أوتنابشتم.
وبعد رحلة شاقة وصل جلجامش أخيرًا إلى هدفه. وقد لاحظ أوتنابشتم إصرار جلجامش في سعيه نحو الخلود، فقرر مساعدته بشرط أن يظل مستيقظًا لمدة ست أيام.
لكن جلجامش نام قبل أن يُنهي أوتنابشتم حديثه. وبعد فشله، قرر أوتنابشتم إعادة جلجامش إلى آورك، لكن حاله صعب على زوجة أوتنابشتم. التي توسطت لدى زوجها، وطلبت منه أن يمنح جلجامش فرصة أخرى، وهذا ما حدث بالفعل.
ولكن أوتنابشتم طلب منه البحث عن نبته تنمو في قاع المحيط. وبعد عناء طويل حصل جلجامش عليها، وقرر استخدامها لتجديد شباب مدينته ومن ثم استخدامها لنفسه.
لكن لسوء الحظ، سرق ثعبان الزهرة منه وأكلها، عندما كان يغتسل على النهر في طريق العودة. بكى جلجامش حينها، لأنه فشل في كلتا الفرصتين للحصول على الخلود، وعاد بخيبة كبيرة إلى أورك، لكنها كان قد تعلم منها الكثير.
فحكمها لمدة طويلة بعد عودته، ثم مات فيها وخلفه أبنه أوننجال. تلك الأسطورة الغريبة فرضت العديد من التساؤلات حول حقيقة الوجود، فلماذا خُلق الإنسان ولماذا يموت؟.

Exit mobile version