من أشجع فرسان العرب وأحدهم نصلا، شاعر بليغ وخطيب مفوه وسيد مطاع من سادات قومه، ارتد عن الإسلام بعد النبي كان ممن قادوا القادسية في عهد عمر بن الخطاب، كيف كانت نهايته؟ ولما ارتد بعد موت النبي؟ وما هي حكايته الطريفة مع الخليفة عمرو بن الخطاب؟
كان عظيم الخلقة تلامس قدماه الأرض عند ركوبه فرسه، وكانت العرب تعرفه بمجرد سماع صوته الأجش، في الجاهلية كان فارس اليمن، وكان العرب قديما يضربون به المثل في الإقدام والشجاعة، حتى اشتهر المثل الشهير «فارس ولا كعمرو».
وفد مع قومه إلى المدينة في العام التاسع الهجري، وأعلن إسلامه وظل مسلما فترة حياة النبي، ثم بعد أن تولى أبوبكر الخلافة، ارتد عن الإسلام.
والسبب في ذلك أنه وبعد وفاة النبي، ولى أبوبكر الصديق واليا جديدا على اليمن وكان عمرو بن معد يرى أنه أولى بتلك الولاية منه.
ولكنه سرعان ما أعلن توبته بعدها وعاد إلى الإسلام، ليرسله الخليفة بعدها إلى خالد ابن الوليد بالشام، استطاع خالد بن الوليد الاستفادة من عمرو وإقدامه، وقام بوضعه على ميمنة الجيش في اليرموك هو وقومه اليمنيون.
اشتدت الحمى وتطايرت الدروع وكان عمرو بن معد بين صفوف الجيش، وأبلى بلاء حسنا حتى فقد عينه اليمنى، وفيه حالته تلك كان يشجع الجنود قائلا: يا معشر المهاجرين كونوا أسودًا أشدَّاء، فإن الفارس إذا ألقى رمحه يئس.
وفي القادسية أمره عمر بن الخطاب بالذهاب مع سعد بن أبي وقاص، وأرسل له رسالة تفيد بأنه أرسل إليه فارسا بألف رجل وأن يستشيره في أموره وألا يوليه شيئا من أمر الجيش.
كان بلاء عمرو بن معد في القادسية أشد من بلاءه في اليرموك، فقبل المعركة كان المسلمون يخشون من خراطيم الفيلة الضخمة التي يجلبها الفرس معهم.
لكن عمرو أشار عليهم بضرب خرطوم الفيلة لتحييدها، ثم عند بداية الصدام بين الجيشين رأى عمرو رستم قائد الفرس، فشد على فرسه وذهب إليه يطلب رأسه.
وبالفعل استطاع أن يفصل رأسه عن جسده، وتسبب ذلك في انهيار معنويات الفرس بشكل كامل، ونال ثناء عظيما بعدها من سعد بن أبي وقاص.
وله مواقف طريفة مع عمر بن الخطاب أثناء خلافته عندما سأله أذكي شخص واجهه وأكثرهم حيلة في حياته، فقص عليه عمرو قصته مع رجل ترك جواده ونزل على بئر ماء ليشرب، فناداه قائلا له: قف مكانك سأقضي عليك، أنا عمرو بن معد يكرب.
فرد عليه: أعطني عهدا ألا تقضي علي إلا بعد أن أركب فرسي، وافق عمرو، فطلع الرجل وأخذ بزمام فرسه ولم يركب جواده، فقال له عمرو: اركب جوادك، فقال يا عمرو لقد أعطيتني عهدا، وإني لن أركب حصاني وسأمشي على قدمي حتى أصل قومي، فتركه عمرو وقال في نفسه: غلبني ذلك المحتال.
وأما عن نهايته فقد اختلف المؤرخون فيها، فقد اعتقد البعض أنه قضى نحبه في نهاوند مع النعمان بن مقرن، وهناك بعض الروايات التي تقول بأن حية لسعته وفارق الحياة من فوره بعدها، واعتقد آخرون أنه فارق الحياة ظمأ.