إذا قلنا اسم “حميدو” أو “ابن حميدو” بالطبع سيتبادر إلى ذهنك فيلم “إسماعيل ياسين” وأحمد رمزي، ابن حميدو الذي تم انتاجه في سنة 1957. ولكن الحقيقة أنه يفترض أن يثير الاسم في ذهنك قصة أخرى. قصة ابن حميدو الحقيقي.
قبطان ريس ابن حميدو
في قلب العاصمة الجزائرية. في ساحة الشهداء يقف تمثال شامخ لرجل من أشهر البحارة. هو الريس ابن حميدو. وهو واحد من أكبر الإنجازات المشرفة في تاريخ الجزائر. ويعتبر أحد الأبطال القوميين.
ولد حميدو بن علي في 1770 في إحدى القرى الجزائرية. لرجل كان يعمل خياطًا. وكان يعشق البحر. ولهذا انضم إلى الأسطول الجزائري. وهو لازال صبي صغيرة. وظل يترقى فيها حتى أصبح أمير للبحر. في عصر الثورة الفرنسية.
في ذلك الوقت اشتهر نوع من القرصنة التي صبغت بصبغة جهادية كان هدفها الدفاع عن الثغور الإسلامية بعد سقوط دولة الأمويين في الأندلس. وحماية شواطيء المغرب العربي. ومع الوقت تحولت تلك القرصنة إلى حرفة. بسبب تسلط السفن الإسبانية والبرتغالية ومحاولتهما السيطرة على البحر.
وهو ذلك الوقت الذي اشتهر فيه نجم القبطان خير الدين بربروس. أو ذو اللحية الحمراء. والذي فرض سيطرته على البحر الأبيض والمحيط الأطلسي. بسفنه الحربية “رعب البحار” و”مفتاح الجهاد”.
سفنية الميريكانا
استطاع القبطان الشاب أن يستولي على عدد من السفن. منها سفينة برتغالية. وأخرى أمريكية اسماها “الميريكانا”. بالإضافة لسفنته الخاصة. وكون أسطولًا من 3 سفن و 40 مدفع. وفرض سيادته على البحر. لمدة 25 سنة.
وبسبب ذلك وقعت الولايات المتحدة الأمريكية والتي لم تكن تملك أسطول قوي يدافع عنها معاهدة مع الجزائر. تنص على أن تدفع بموجبها إتاوة مقابل حماية سفنها.
ولم تكن أمريكا هي الدولة الوحيدة التي تدفع إتاوات البحر للجزائر. حيث دفعت صقلية 44 ألف بياستير سنويًا. نصفها بضائع ونصفها نقد. والبرتغال كانت تدفع 44 ألف وانجلترا دفعت 600 جنيه استرليني. وهولندا والنمسا وغيرهم.
الرئيس توماس جيفرسون
عندما جاء الرئيس الأمريكي توماس جيفرسون لسدة الحكم، رفض أن يقوم بدفع الإتاوة إلى الجزائر. وبالفعل سير أسطوله إلى البحر بتسع قطع بحرية نحو تمركز حميدو، وفي سنة 1815 اشتبك القبطان كومودور دوكاتور بسفن ابن حميدو. وبدأت المعركة.
وأصابت أحد القذائف سفينة “مفتاح الجهاد”. فتسبب ذلك في مقتل ابن حميدو. الذي كان قد طلب من بحارته أنه في حال استشهاده أن يلقوه في البحر. وفي ذلك اليوم 17 يونيو انتهت أسطورة ابن حميدو. بالقرب من كيب جاتا قبالة سواحل جنوب إسبانيا ، بعد أن استولى في حياته على ما يصل إلى 200 سفينة خلال مسيرته. بعد أن أعطى الجزائر مجدها قبل الغزو الفرنسي.
ابن حميدو في التراث
يقول “اسماعيل سرهنك باشا” أن حميدو كان أسطورة مرعبة في أوروبا. وأن الأمهات في إسبانيا كانوا يخوفن أولادهن بذكر اسمه. وقد عرف في الأدب الأمريكي باسم أميدون.
والآن في ساحة الشهداء ينتصب تمثال شامخ للريس حميدو بن علي. وقد قام سلاح البحرية الجزائري بإطلاق اسمه على إحدى الفرقاطات البحرية الهامة.