مصر فيها ملايين المواهب، ولو بحثناا في كل شارع وحارة، وكل قرية ومدينة، ستجد ناس بعد ذلك منهم أساطير، وفي تاريخ يكون مكتوب، وفي تاريخ يحكي وينتقل من لسان للسان، مثل التراث الشعبي.
واللي يمكن خلال السنين الأخيرة في ناس بدأت تجمعه، ولكن لسة كتير منه متمش تسجيله، ومن بين المواهب اللي خرجت من القرى ونقلت الفلكلور في رحلاتها كانت بطلة حكايتنا انهاردة.. خضرة محمد خضر
يمكن ناس كتير متعرفش مين خضرة محمد خضر، وطبعا في ناس أكتر تعرفها وسمعتلها، وناس سمعت أغانيها بس متعرفش هي مين، هي ست من البحيرة، وتحديدا من كوم حمادة، اتولدت سنة 1918، وكان ليها تجربة خاصة، وأغانيها انتشرت خلال الفترة الأخيرة.
صوت خضرة تم اختياره عشان يكون عنوان للترويج السياحي المصري في 2023، إلى جانب إن الأغنية بتاعتها بقت من أشهر الأغاني اللي بيستعين بيها مستخدمي تيك توك، كأصوات لخلفية الفيديوهات، وكمان حتى صفحة ليفربول استعانت بيها بعد ما محمد صلاح جاب جونين قدام مانشستر يونايتيد عشان يكون الهداف التاريخي لفريقه في الدوري الإنجليزي الممتاز برصيد 129 هدف.
الأغنية اللي اشتهرت هي «ميتى أشوفك» ودي بتتكلم عن الصعيد، وكلماتها بتقول «ميتا اشوفك ياقلبي اطمنت.. وحبيبي في إسنا وأنا ساكن أرمنت.. وقالولي نخطب لك من بنات المريس.. وأنا رحت امبحر على جرحا وبرديس».
قصة شهرة الأغنية دي بترجع لموسيقي اسمه إماديو، واللي عمل ريمكس لأغنية «ميتى أشوفك» وحققت انتشار كبير، وبعدها تم اختيارها عشان تكون الصوت في الفيديو الترويجي للسياحة المصرية.
وخضرة محمد خضر، كانت من أسرة بيشتغلوا مداحين في الموالد، وهي ورثت المهنة دي عنهم، ولكن اتجوزت واحد من برة المجال ده، ولما خضرة كبرت، وبدأت تاخد طريقها في الحياة، وبدأت تسافر عشان تغني في الموالد وعملت فرقة صغيرة، ده اتسببلها في مشكلة مع جوزها، والأمر انتهى بالطلاق ما بينهم لأنهم خلاص مبقوش نافعين مع بعض، ونقدر نعتبر ده نوع من التمرد على حياتها في وقت مكنش فيه لسة حقوق المرأة وإمكانية تكوين حياة خاصة متاح.
بعدها كان الكاتب والشاعر زكريا الحجاوي بيكتب مسرحية اسمها «أيوب المصري»، وكان بيدور على صوت شعبي يقدم المسرحية دي، وكان بيدور في الموالد شافها وعرض عليها، ولكن هي في البداية رفضت، ولكن بعد كدة انبهرت بالجو ده وعجبها الموضوع.
العلاقة بين زكريا الحجاوي، وخضرة، خدت أشكال أكبر، لأن هو مع الوقت حبها واتعلق بيها وبأسلوبها، وحصل بينهم تعاون كبير، وكان بينقل عن طريقها الفلكلور ويكتب عنه ويسجله، وفي نفس الوقت كان في تعاون فني بينهم.
في فترة من الفترات، غاب الحجاوي عن بيته وأسرته وزوجته، لأنه كان أسير لشخصية خضرة، واتجوزها، ولما حصل إن أسرته عرفت، كان قدامه خيار من اتنين، إما إن هو يكمل علاقته بخضرة، أو يرجع لأسرته، وكان الاختيار الأخير.
حصل بين خضرة وزكريا الحجاوي انفصال بطريقة فلكلورية، وهي إن كل واحد منهم يجرح إيده، ويمص دم التاني، ودي طريقة معناها إنهم هيفضلوا أصدقاء وإخوات مدى الحياة.
خضرة كانت بتقدم نص ساعة أسبوعيا في الإذاعة بتغني فيها من الفلكلور والسير، وكمان تم الاستعانة بيها في بعض الأعمال الفنية والأفلام ومن أشهر أعمالها : قصة أيوب المصري – ميتى أشوفك – نور النبي – قصة النبي يوسف – ابن عروس – ملحمة عمر بن الخطاب – ملحمة خلينا حبايب وغيرهم.
رحلة كبيرة سابت من خلالها تراث مش ممكن يتنسى، عشان تنتهي بوفاتها في 17 ديسمبر 1998، وعشان نعرف قد إيه كان ليها مكانة، بيحكي الفنان صبري فواز، إنه في مرة كان بيخرج مسرحية اسمها «المدد» وكانت البطولة لمجموعة من فنانين الغنا الشعبي وعلى راسهم خضرة محمد خضر، وبيقول إن فريق العمل كان بيبقى مندهش لما كانوا بيشوفوا المخرج ورئيس القطاع بيسلموا على الست خضرة وبيبوسوا إيديها.