في بداية الألفية الجديدة ذاع اسم الروائي السوري حيدر حيدر باعتباره الروائي الأكثر إثارة للجدل على مستوى الوطن العربي بسبب روايته وليمة لأعشاب البحر التي بدأ الهجوم عليها بتنظيم مظاهرات في مصر تكيل الاتهامات لصاحب هذه الرواية، اليوم رحل عن عالمنا الروائي السوري الكبير حيدر حيدر ليتجدد الجدل حول الأزمة التي فجرها إبداعه ، وحول دوره في لبنان والجزائر وغيرها من الدول التي زارها .
رحل عن عالمنا اليوم الروائي السوري حيدر حيدر عن عمر يناهز ٨٧ عاما ، فهو من مواليد حصن البحر في بسوريا عام ١٩٣٦ ، وبدأ اهتمامه بالأدب في وقت مبكر، وبدأ ينشر قصصه في مجلة الاداب البيروتية منذ عام ١٩٦٨ وأولى مجموعاتها القصصية صدرت في هذا العام تحت عنوان حكايا النورس المهاجر.
ونشر روايته الفهد التي تحولت إلى فيلم سينمائي، وله العديد من الروايات والأعمال القصصية التي لقيت شهرة واسعة . كما سافر الجزائر في إطار حملة التعريب وتدريس اللغة العربية هناك ، ومن بعد ذلك سافر إلى بيروت ليقدم مثالا للمثقف والكاتب المهتم بقضايا التحرر الوطني .
أزمة الوليمة الشهيرة
من أخطر الأزمات التي فجرها حيدر حيدر أزمة رواية وليمة لأعشاب البحر التي نشرت في سوريا عام ١٩٨٣ ، وأعيد نشرها في مصر عام ٢٠٠٠ فأثارت ضجة كبيرة ومنعها الأزهر لدعوى أنها تتضمن عبارات تسيء الدين الإسلامي.
وتتحدث الرواية عن مناضل شيوعي عراقي يسافر إلى الجزائر ويتعرف هناك على مناضلة قديمة تعيش عصر انهيار الثورة في الجزائر ، وتدور الأحداث في إطار اجتماعي عاطفي لا يخلو من مناقشات فلسفية تتناول الدين والإيمان والعقيدة .
مظاهرات واحتجاجات ضد الوليمة
كانت ردود الفعل ضد رواية وليمة لأعشاب البحر في غاية الخطورة من مظاهرات لطلبة الأزهر الى مساءلة مسؤولي وزارة الثقافة المصرية الذين نشروا الرواية ، وصادر الأزهر الرواية واعتبرها تسيء الدين ، وهو ما اتفق مع الاحتجاجات الشعبية والمظاهرات الواسعة التي انطلقت من جامعة الأزهر تحديدا للتنديد بالرواية والمطالبة بمصادرتها ، وهو الأمر الذي يبدو أنه انتشر من مصر لعدة دول عربية قررت منع الرواية ومصادرتها تماشيا مع موقف الأزهر وقراره .
الوليمة وحرية التعبير
أثارت أزمة وليمة لأعشاب البحر صحة كبيرة وجدالا واسعا حول حرية التعبير في الوطن العربي والجهة أو المؤسسة التي يمكن أن تتحكم في هذه المسألة وتضع حدود وقواعد حرية التعبير ، وفي المقابل حق الكاتب أو المبدع في تقديم إبداعه بشكل حر دون أي قيود أو خوف .
ويأتي رحيل الكاتب السوري الكبير حيدر حيدر ربما ليحدد الجدل حول هذا الأمر وحول الأزمة التي أثارها قبل نحو ربع قرن فهل مازالت أثار الأزمة حاضرة وهل تخيم على أجواء رحيل الكاتب الكبير أم أنها تذهب طي النسيان ، ويستعيد الجميع القيمة الكبيرة التي كان يمثلها حيدر حيدر في الساحة الأدبية العربية .
رحيل مؤثر
لا شك أن رحيل حيدر حيدر سيترك أثرت مهما في الحياة الأدبية والثقافية في سوريا باعتباره واحدا من أهم وأكبر الكتاب والمثقفين الفاعلين في سوريا ، لكن يظل حضوره المؤثر في لبنان وفي الجزائر من العلامات المهمة في مشواره الادبي والثقافي والنضالي .