هناك قصة مشهورة ومتداولة على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي مفادها أن الفنان كمال الشناوي رفض – أثناء تصوير فيلم شارع البهلوان عام 1949 – أداء مشهد فيه “قبلة” مع الفنانة كاميليا، وحجته أنه صائم (التصوير كان في نهار رمضان).
قبلة من فنانة شهيرة بـ 90 ألف جنيه و10 سنوات في السجن
وكما هو متداول أيضا فإن كاميليا غضبت جدا من الشناوي، لأنها اعتبرت رفضه “إهانة” لها وقالت: هو يطول (بالتأكيد من نقل لها رفض الشناوي تقبيلها لم يوضح لها سبب الرفض).
وكما هو متداول أيضا فإن مخرج الفيلم، صلاح أبو سيف، أقنع الشناوي بجواز قيامه بتقبيل الفنانة لأن ذلك يدخل تحت بند متطلبات العمل (يجوز برضه!)
ما رفضه الشناوي عام 1949 (بغض النظر عن حجة الرفض) كان حلما لشخص آخر، قبل عامين بالضبط، هذا الحلم الذي دفع صاحبه لارتكاب جريمة، قادته إلى السجن.
اسمه “صالح العوضي”
لو كتبت هذا الاسم على محرك البحث، جوجل، فستظهر نتيجتان: الأولى أنه كان مدير إنتاج لعدد من الأفلام الشهيرة في الستينيات (الجريمة الضاحكة وعبيد الجسد ومطلوب زوجة فورا وثورة البنات) والنتيجة الثانية هى أنه أنتج فيلما واحدا عنوانه: “ولدي”، تم عرضه في يناير 1949، من بطولة كاميليا ومحمود المليجي وأحمد علام وإسماعيل ياسين ونجمة إبراهيم.
هو أيضا مثل في الفيلم، وصورته على أفيش الفيلم، وإن كان قد ظهر باسم “صلاح الدين”.
في صفحة الفيلم على موقع “السينما دوت كوم” يُلاحظ في “الهوامش” مكتوب: “هذا هو الفيلم الوحيد للممثل ومنتج الفيلم (صلاح الدين) حيث تم القبض عليه بعد الفيلم واتضح من التحقيقات أنه موظف بسيط يعمل في أحد الشركات واختلس مبلغا كبيرا من المال وأنفقه في تحقيق حلمه وهو أن يكون بطلا لفيلم سينمائي أمام معشوقته الفنانة كاميليا” .
ما هو مكتوب يقترب من الحقيقة، لكن هناك باختلافات طفيفة.
في عدد 9 مايو 1956، وعلى الصفحتين 16 و17، نجد موضوعا كتبه جليل البنداري تحت عنوان: هذه القبلة كلفتني 90 ألف جنيه وعشر سنوات في السجن.
الموضوع كان حوارا مع صالح العوضي بعد خروجه من السجن (قضى 7 سنوات) ويحكي فيه قصته من البداية للنهاية.
لقد كان موظفا في شركة تأمين، وقد اعتاد أن يذهب من حلوان للمعادي مع زملائه في العمل للتنزه، وفي الأول من مايو عام 1947 لمح كاميليا واقفة على رصيف المحطة، فقام بقطف ورودا وأهداها لها، تعبيرا عن إعجابه الشديد بها، لكن الفنانة – حسب قوله – لم تهتم، ونظرت له من فوق لتحت وأعطت باقة الورد لوصيفتها. هو ما جعله يشعر بالإهانة (خاصة وأن زملاء العمل شهدوا الموقف).. “وشعرت أن لي ثأرا معها يجب أخذه من هذه الفنانة الساحرة المغرورة”.
ولأنه موظف صغير فإن الأزمات المالية كانت كثيرة، وتكررت خناقاته مع زوجته الإيطالية (!).
بعد عدة أيام قادته قدماه إلى صديق قديم له يعمل في وزارة المعارف، وهناك حكى له عن ظروفه المادية وأزماته، وكان عند ذلك الصديق “الحل السحري”.
يقول العوضي: “سألني صديقي: انت قلبك جامد؟ قلت له: حديد، فقام بفتح درج مكتبه وأخرج استمارة 9 ع ح (عموم حسابات) وقام بكتابة بعض البيانات، ثم طلب مني أن أذهب بها إلى وزارة المالية وعندما يتأكد من بياناتك المدونة في الاستمارة سوف يحيلك للخزانة التي ستعطيك 18 رزمة، كل رزمة ألف جنيه”.
عملية اختلاس واضحة!
لم يتردد العوضي وبالفعل ذهب وحصل على المبلغ وتقاسمه مع صديقه، وتكررت العملية أكثر من مرة.
– كان ذلك الصديق هو المسؤول عن استلام أذونات الصرف التي تأتي من وزارة المالية وسوف يقوم بحرقها وبذلك يتم إعدام الدليل الوحيد الذي يدين صالح (فهو في كل الأحوال ليس موظفا رسميا في وزارة المعارف).
وعندما جرت الأموال في يد العوضي كان أول شيء فعله هو استئجار شقتين في عمارة الإيموبيليا، حيث تسكن كاميليا: سكن في واحدة والأخرى اتخذها مكتب لشركة سينما قام بتأسيسها.
بسرعة البرق انتشر في الأوساط الفنية خبر ظهور “المليونير” صالح العوضي، وتهافت الجميع لزيارة مكتبه (خاصة وأنه كان سخيا في عقوده مع الفنانين).
وبعد عدة أيام أرسل لها دعوة لزيارته في مكتبه، وعرض عليها سيناريو فيلم “ولدي”، وزادها مائة جنيه عن أجرها المعروف (كانت تتقاضى 500 جنيه في الفيلم)، وأهداها سيارة كاديلاك ثمنها 2000 جنيه.