حالة من النحس لازمت التحضير لمسلسل ذئاب الجبل، قبل أن يصبح واحد من أهم الأعمال في تاريخ الدراما المصرية.
في بلدة تسمى بهتون الجبل التي يعيش فيها عائلة هوارة التي تلتزم بالعديد من العادات والتقاليد المتعصبة، والتي قام فيها الشيخ بدار بكسر العادات المتعارف عليها وقام بتزويج ابنته إلى رجل غريب عن العائلة، مما يدفع شقيقها لأن يحاول قتلها، هذه هي التيمة الرئيسية التي بني عليها المستشار محمد صفاء عامر قصة ذئاب الجبل، والتي أرسلها للمخرج مجدي أبو عميرة ليتولى إخراجها.
البداية من الزلزال
يحكي المخرج مجدي أبو عميرة في حوار لصحيفة الأهرام، أن التحضير للمسلسل تزامن مع زلزال 1992، فيقول: “خلال تحضيري أنا والمؤلف الراحل محمد صفاء عامر للعمل كنا نجلس بالتلفزيون المصري، وفجأة وقع زلزال 1992، وخرجنا نهرول على السلالم حتى أنه كانت بجوارنا النجمة فردوس عبد الحميد تقوم بتصوير أحد أعمالها في أستديو 5، خرجت في ذهول بصحبتنا، تسأل عما يحدث خصوصًا وأن السلالم كانت تتحرك بشكل كبير جدًا، وكانت هذا أول صدمة لي في هذا المشروع”.
كسر المخرج
في أثناء تجهيز ديكور المسلسل، سقط المخرج مجدي أبو عميرة من على السلم فكسر ذراعه، لكنه أصر على استكمال التصوير ويحكي: “كنت نازل من على السلم فسقط وحدث لي كسر بذراعي ليلة ثاني يوم تصوير، ورغم وضع يدي في الجبس قررت مواصلة عملي”.
وفيات بالجملة
يحكي المخرج مجدي أبو عميرة: “في ثالث أيام التصوير توفي عمي”، ويضيف الفنان فتوح أحمد (لعب دور عربي في المسلسل)، في حواره مع الدكتور عمرو الليثي، إن عمة المؤلف محمد صفاء عامر توفيت أثناء التصوير، وحتى الطفل الصغير الذي صور دور ابن سماح أنور سقط من الميكروباص ومات”.
وعند التجهيز للمسلسل رشح الفنان نبيل الحلفاوي للمشاركة به وأداء شخصية (علوان البكري) إلا إنه اعتذر عن المشاركة، وتم بعد ذلك اختيار الفنان صلاح قابيل لأدائها، لكنه توفي بعد تصويره لعدد قليل من المشاهد، فتقرر حينها إعادة تصوير المشاهد من جديد، وعرضت الشخصية مره أخرى على الفنان نبيل الحلفاوي الذي اعتذر مرة أخرى لعدم تحمله فكرة أن يشاهده ابن الفنان صلاح قابيل وهو يقوم بدور والده، حيث جمعت صداقة قوية بين صلاح قابيل ونبيل الحلفاوي.
وتم بعد ذلك اختيار الفنان عبد الله غيث لأداء الشخصية، إلا إنه توفي أيضاً بعد أن أنهى عدد كبير من المشاهد، وهنا تقرر الاستغناء عنها وإنهاء المسلسل بدون الخط الذي كان مرسوم للشخصية، ولذلك استعان المخرج مجدي أبو عميرة بأغنية “ولا بد من يوم معلوم لتكون هي رسالة المسلسل”.
لكن رسالة المسلسل لم ترض أهل هوارة، فيقول علي علي يوسف في حوار تحقيق لصحيفة الحياة المصرية سنة 1997: “ﻟﻘﺪ ﺃﺧﻄﺄ ﻛﺎﺗﺐ ﻗﺼﺔ ﺫﺋﺎﺏ ﺍﻟﺠﺒﻞ ﻣﺤﻤﺪ صفاء ﻋﺎﻣﺮ ﻭهﻮ ﻣﻦأبناء ﻫﻮﺍﺭة، لأنه ﻓﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﻗﺎﻡ ﺑﺰﻭﺍﺝ ﻓﺘﺎﺓ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ هوارة ﻟﺸﺨﺺ ﺍﺧﺮ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ، ﻭﻫﺬﻩ ﺻﻮﺭﺓ ﻻ ﺗﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘبيلة، ﻭﻫﺬﺍ ﺑﺨﻼﻑ ﺍﻥ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻣﺴﻤﻮﺡ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﺰﻭﺍﺝ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻭﻧﺤﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺍﻟﻬﻮﺍﺭﺓ ﻓﻰ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﻗﻨﺎ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻧﺘﺒﻊ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ﻭﺷﺮﺑﻨﺎﻫﺎ ﻋﻦ ﺃﺟﺪﺍﺩﻧﺎ، ﻭﺍﻟﻤﺆﺳﻒ ﺃﻥ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﺴﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺆﺩﻱ ﺇﻟﻲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺎﺕ ﺩﺍﻣﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﻗﺒﻴﻠﺘﻰ هوارة ﻭﺍﻟﻌﺮﺏ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪ صفاء ﻋﺎﻣﺮ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺍﻟﻬﻮﺍﺭﺓ ﻭﻭﺿﻊ حدا لتقاليدكم، وزوج فتاة منكم في المسلسل لشخص آخر من خارج القبيلة، فلا بد أن تزوجونا من بناتكم، وكاد أن يتحول الأمر لمواجهات دامية بالسلاح لولا تدخل عقلاء القبيلتين لوقف الدم.
وقالت سماح أنور خلال لقائها ببرنامج “صاحبة السعادة”، إن الكاتب الراحل محمد صفاء عامر أخبرها أن مسلسل “ذئاب الجبل” هو قصة حقيقية وليست من خياله.
رهان لـ 10 جنيه
وحكي أحمد عبد العزيز بطل المسلسل في برنامج صاحبة السعادة عن كواليس تصوير مشاهده مع الراحل عبد الله غيث قائلا: “:”كنا بنصور وعد الحق وبعده هنصور ذئاب الجبل وأول يوم وقبل ما ندخل نصور قلتله قريت الورق قالى لا قلتله ادينى 10 جنيه واحكيلك مشهدك وبعدين قلتله هات 15 جنيه واحكيلك ملخص المسلسل كله، وانبهرت بجد وركبى خبطت فى بعض من أداء عبد الله غيث، إزاى فى 10 دقائق تقمص الشخصية وبعد التصوير قلتله عرفت بيقولوا عليك شديد ليه.. شديد لأنه فعلا فى 10 دقائق جاب الشخصية “.
أقرا أيضا:
بيتروس غونسالفوس.. الحكاية الحقيقية لـ «جميلة والوحش»