أميرة صوفية تربعت على عرش الشجاعة والمقاومة الشعبية، عاشت من أجل نصرة كلمة الحق وأخافت الفرنسيين منها ورأوا فيها بسالة وشجاعة لم يروها في أحد إنها الالة فاطمة الأميرة التي قاومت إلي نهاية حياتها كل أنواع الظلم حتى أنها تنكرت في زي محارب من أجل أن تساهم في المقاومة الشعبية، وكانت أميرة لا تنساها الجزائر أبدا.
ولادة الأميرة فاطمة
في بيت واحد من مشايخ الصوفيين الجزائريين في قرية ورجة في شمال شرق الجزائر ، كان شيخ الطريقة الرحمانية يعيش هناك ويدعى محمد بن عيسى وكان يحظى بمكانة كبيرة بين الناس ،وولدت ابنته الأميرة فاطمة عام 1830، وكانت فاطمة فائقة الجمال كما كانت تتمتع بذكاء كبير وفطنة، وحفظت القرآن الكريم من خلال مجالس والدها فكانت ذكية لبقة مؤمنة حافظة لكتاب الله.
ادعت الجنون
لم تكن فاطمة ترفض الارتباط رغم أنه تقدم لها العديد من كبار رجال القبائل التي حولها ولكنها كانت عازفة تماما عن هذا الأمر
وبعد وفاة والدها أصبح أخوها الأكبر هو المسؤول عنها وحاول أن يجبرها أكثر من مرة على الارتباط ليطمئن عليها.
ولكنها ادعت أنها ليست طبيعة وأن عقلها ليس سليما، وفي ليلة زفافها قامت بخدش وجهها وتمزيق ثيابها ، فعادت إلى بيت أخيها ولكن زوجها رفض الانفصال عنها، فبقيت في بيت اخيها ورفضت أن تعود له.
وتفرغت باختيارها لحياة العبادة والعلم ومساعدة أخيها الذي كان عائدا تقيا ملما بعلوم الدين على خطى والدها واتخذت لنفسها خلوة مثلما كان يفعل والدها حجرة منعزلة تفكر وتتعبد فيها وتمارس بعض الشعائر الدينية وحدها من صلاة وتسبيح ، فاشتهر عنها التصوف وعاشت في سومر مع أخيها .
بطلة شعبية
ذاع صيتها وعلمها واشتهر بشكل كبير وأصبح الناس يأتون إليها من كل مكان .وكانت تساعد الرجال والنساء بعلمها ..وبدأت تساعد المقاومة الجزائرية وتبث فيهم روح الحماس فاشتهرت بين الناس بالبطلة واشتهرت باسم ” لالة فاطمة ” وهي كلمة أمازيغية يقصد بها البطلة وكانت تستخدم لتقدير النساء.
خصوصا أنها كانت تدافع عن النساء بضراوة وتحثهم على عدم الاستسلام للاحتلال الفرنسي .وشاركت رجال المقاومة الجزائرية ضد الفرنسيين في المعارك وهي بعمر 23 سنة فقط ، وكانت تتنكر في زي رجل لتحارب ضد الفرنسيين
وعندما قام الفرنسيون بمحاولة دخول بلدة “جرجرة” وقفت لهم بثبات ولم تعبأ واجتمعت هي والنساء من أجل النضال الشعبي ..وانسحبت القوات الفرنسية بعد المقاومة الشعبية الهائلة التي واجهتها.
تولت قيادة جرجرة
وبعد أن توفي قائد بلدة جرجرة على يد الفرنسيين هو و 60 من جنوده شغلت فاطمة مكانه وأصبحت قائدة المقاومة الشعبية في جرجرة
وظلت تجاهد أمام الفرنسيين حتى أنهم أطلقوا عليها لقب ” جان دارك جرجرة ” ولكنها رفضت وفضلت أن تسمى على اسم الصحابية خولة وأن يكون لقبها ” خولة جرجرة ”
توفيت فاطمة بعد أن أصابها مرض في ذراعها وامتد إلى جسدها وأصبحت لا تقوى على الحركة وكان ذلك في عام 1863
ووريت الثرى في منطقة سيدى عبد الله ثم نقلت إلى مدينة الجزائر وسط مربع الفدائيين والمناضلين لتظل رمزا جزائريا راسخا عبر التاريخ .