اسم يرفرف في ذاكرة السوريين كافة.. إذا كنت من جيل السبعينيات فإن صوتها حتما داعب آذانك.. وإذا كنت من الأجيال التالية فإن جيلها قد روى لك حتما بطولاتها وأدوارها المعلنة والمستترة مع الكاميرا.. ولطالما أطلت على الشاشة هادئة مطمئنة.. بينما كانت تحصل من النجوم الذين استضافتهم على أرصدتهم الجماهيرية التي لم تصل حتى إلى ورثتهم من بعدهم.. لكن رصيدها هي ظل وسط هالة من القداسة ولم يجرؤ سوري أو عربي على المساس به، وإلا وجد نفسه في مساءلة قد يطول أمدها مع جمهورها الجديد..
إنها مريم يمق.. أو «زاهية بنت بحر» كما يحلو للسوريين والعرب أن يلقبوها.. وقد ظل ظهورها وغيابها عن شاشة التلفزيون السوري لغزا محيرا لجميع جمهورها الذين نجحت في أن تقود نخبتهم إلى طريق آخر خلف الكواليس وبعيدا عن إبهار الشاشات وجاذبية الأضواء..
أمامها كان على جميع المشاهير والفنانين من كبار نجوم الوطن العربي أن يلتزموا الصمت انتظارا لتوجيه أسئلة كي يفتحوا خزائن أسرارهم للجمهور.. لكن تلك الخزائن منها ما بثه التلفزيون السوري ومنها ما ظل في طي الكتمان بين مريم يمق وبين ضيوفها.. وقد صدقتهم العهد فظلت تحفظ لهم أسرارهم حتى بعد رحيلهم.
العندليب يعترف
«هل تعلمت اللهجة السورية؟».. كان ذلك السؤال الأجرأ الذي وجهته مريم يمق إلى ضيفها عبد الحليم حافظ وأخذت خلال أسئلتها إليه تحادثه بصراحة مفرطة بشأن أغانيه بينما استجاب العندليب لها وتلقى أسئلتها برحابة صدر.. لكنها قررت أن تفاجئه بسؤال عن أسباب تأخر زواجه .. فيعترف لها بأنه في علاقة حب.
نجمة في مواجهة نجوم
فيروز ودريد لحام ومحمد عبد المطلب ومحمد عبد الوهاب ووردة وياسر العظمة جميعهم جلسوا على كرسي الاعتراف أمام زاهية بنت بحر أو مريم يمق حيث استأثرت بالعديد من البرامج الإذاعية والتلفزيونية التي أصبحت تراثا نادرا في أرشيف التلفزيون السوري.
وظل السؤال القائم لدى جيل الكبار في التلفزيون السوري..كيف نجحت زاهية بنت بحر في الوصول إلى ذلك المستوى؟لكن بالتدقيق في أرشيف مريم يمق تظهر أسرار تربعها على عرش التقديم التلفزيوني في زمن الفن الجميل.
فالتقديم لدى هذه العبقرية لم يكن مهنة للحصول على راتب بل كان موهبة صادفت عقلا ذكيا سرعان ما تفاعل مع أهدافها.. وعرفت زاهية بنت بحر بذكاء شديد وقدرة عالية على سرعة قراءة الضيف من عينية فعرفت مفتاح الدخول إلى خزينة أسرار ضيوفها، و نشرت بعضها واحتفظت بالمزيد لديها..
لماذا رفضت العمل خارج سوريا
وكان لها مواقفها الثابتة أمام الجميع فقد رفضت العمل خارج سوريا وفضلت البقاء في بلادها، ورغم وجهها اللافت للمخرجين إلا أنها رفضت أيضا الاشتراك في عمل درامي في أي من الأفلام التي عرضت عليها وحتى في حالة ظهورها دراميا في فيلم ظهرت كمذيعة أيضا.
أما رصيدها الوفر الذي احتفظت به فكان رصيدها من الشعر الذي اتخذته ميدانا لموهبة أخرى جذبت إليها صفوة الجمهور السوري. بعد أن جذبها جمال كتب الأدب والشعر القديم لتبدأ تجارب المحاكاة والمجاراة في فنها الجديد.