في ليلةٍ كرويةٍ مثيرة على ملعب النور، لم تكن الأنظار موجهة فقط نحو فوز برشلونة الصعب على بنفيكا، بل نحو عودةٍ مذهلة لنجمٍ كاد أن يُنسى.
بينما كان الجميع يتوقع أن ينال فويتشيك تشيزني أو بيدري جونزاليس الإشادة بعد أدائهما المميز، اختار هانسي فليك أن يُفاجئ الجميع بتوجيه كلمات المديح لفرينكي دي يونج. اللاعب الهولندي، الذي كان على وشك الرحيل قبل أسابيع قليلة، أثبت أنه ليس مجرد لاعب عادي، بل ركيزة أساسية في مشروع المدرب الألماني.
في هذا المقال، نستعرض كيف قلب دي يونج الطاولة وأعاد كتابة قصته مع برشلونة في مباراةٍ حاسمة.
لم تكن مباراة بنفيكا مجرد مواجهة عادية. الفريق البرتغالي، الذي لم يهزم في آخر عشر مباريات، كان يشكل تحديًا كبيرًا على أرضه.
لكن برشلونة، بقيادة هانسي فليك، نجح في خطف فوزٍ ثمين بنتيجة 1-0، مانحًا الفريق أفضلية كبيرة قبل مباراة الإياب في دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا.
الجميع قدم أداءً جديرًا بالثناء، من تشيزني الذي حافظ على شباكه نظيفة بتصدياتٍ رائعة، إلى بيدري الذي أضفى الإبداع على خط الوسط.
لكن في خضم هذا التألق الجماعي، كان هناك نجمٌ خطف انتباه فليك بشكلٍ خاص: فرينكي دي يونج.
قبل أسابيع قليلة فقط، كان اسم فرينكي دي يونج مرتبطًا بالرحيل عن برشلونة.
المدرب هانسي فليك، الذي بدا غير مقتنع بمساهمة اللاعب الهولندي، استبعده من التشكيلة الأساسية لأكثر من أسبوعين كعقابٍ على أدائه المتواضع وسلوكه غير المرضي.
في ذلك الوقت، بدا أن عقده، الذي يمتد حتى 2026، لن يُكمل مدته، حيث بدأ رئيس النادي خوان لابورتا والمدير الرياضي ديكو البحث عن أنديةٍ قد تستقبله.
لكن دي يونج لم يستسلم. بعزيمةٍ واضحة، عمل على استعادة ثقة مدربه وزملائه، ليظهر في مباراة بنفيكا كأحد أفضل اللاعبين على أرض الملعب.
في مركز المحور الدفاعي، قدم دي يونج أداءً متكاملاً. تناغمه مع تعليمات فليك جعله صمام أمان في خط الوسط، حيث نجح في قطع الكرات، تنظيم اللعب، ودعم زملائه في لحظات الضغط العالي بعد طرد باو كوبارسي.
هذا التألق لم يمر مرور الكرام، فقد اقترب منه فليك بعد صافرة النهاية ليهنئه شخصيًا، معبرًا عن إعجابه بما قدمه اللاعب في هذه المباراة الحاسمة.
أحد أبرز جوانب أداء دي يونج كان تناغمه المثالي مع بيدري جونزاليس. الثنائي شكّل قوة لا تُقاوم في وسط الملعب، حيث جمع بيدري بين الإبداع والرؤية، بينما أضاف دي يونج الصلابة والتوازن.
هذا الانسجام أتاح لبرشلونة السيطرة على إيقاع المباراة رغم النقص العددي، مما أجبر لاعبين مثل مارك كاسادو وبابلو جافي على البقاء على مقاعد البدلاء.
قرار فليك بإعادة دي يونج للتشكيلة الأساسية، على حساب كاسادو، أثبت صحته، وأظهر أن المدرب الألماني يمتلك رؤية واضحة لكيفية استغلال مواهب لاعبيه.
رغم تألق تشيزني وبيدري، فإن اختيار فليك للإشادة بدي يونج يعكس مدى تأثير اللاعب الهولندي في هذا الفوز. تشيزني، الذي أنقذ الفريق بتصدياتٍ حاسمة، وبيدري، الذي قاد الهجمات ببراعة، كانا بالتأكيد من أبطال المباراة. لكن دي يونج أضاف بُعدًا جديدًا للفريق بأدائه الدفاعي والهجومي المتوازن.
ووفقًا لتقارير “إل ناسيونال” الإسبانية، فإن هذا الأداء أعاد التأكيد على أن دي يونج ليس مجرد لاعب عابر، بل نجم عالمي يستحق مكانته كأحد أفضل لاعبي خط الوسط في العالم.
ما يجعل قصة دي يونج ملهمة هو تحولها من لحظةٍ صعبة إلى انتصار شخصي.
قبل هذه المباراة، كان اللاعب الهولندي يواجه انتقاداتٍ حادة، وشكوكًا حول قدرته على التكيف مع رؤية فليك. لكنه أثبت أن الصبر والعمل الجاد يمكن أن يغيرا المعادلة.
عودته لمستواه المعهود لم تكن مفاجأة لمن يعرفون موهبته، لكنها كانت بمثابة تذكير بأن اللاعبين الكبار يظهرون في اللحظات الحاسمة.
هذا الأداء أعاد إلى الأذهان النسخة التي تألقت مع أياكس وأبهرت أوروبا، مما جعل الجماهير تحتفل بعودة نجمها المفضل.