في عالم كرة القدم، حيث تتوهج الأضواء على النجوم ثم تنطفئ فجأة، تبرز قصص مؤلمة تروي نهاية مليئة بالتحديات للاعبين كانوا في يوم من الأيام أبطالًا في الملاعب.
محمد صبحي، لاعب خط وسط منتخب مصر الأولمبي السابق ونادي إنبي، يمثل واحدة من هذه الحكايات المؤثرة.
من قائد المنتخب الناشئ إلى العمل في قهوة بأجر يومي زهيد، قصته تكشف عن أزمات نجوم كرة القدم المصرية السابقين. فما الذي دفع هذه الموهبة الكبيرة إلى هذا الواقع؟ دعونا نستعرض التفاصيل.
مسيرة مشرقة: موهبة أذهلت الجميع
بدأ محمد صبحي مسيرته الكروية مع نادي بلقاس، لكن لفت انتباه الأندية الكبرى مثل الأهلي والزمالك وإنبي خلال مرحلة الناشئين. اختار الانضمام إلى إنبي، حيث تمت ترقيته إلى الفريق الأول في سن الـ16 تحت قيادة المدرب أنور سلامة.
كان صبحي يتميز بموهبة استثنائية جعلته يُعتبر “أفضل لاعب وسط في مصر” في فترة ذروته، وشارك مع منتخب الناشئين في بطولات دولية مثل كأس أفريقيا وكأس العالم للشباب، حيث قاد الفريق كقائد. كما خاض تجربة احترافية قصيرة في النمسا، مما عزز آماله بالنجاح الدولي.
العروض المرفوضة والتحديات: قرارات أنهت الأحلام
على الرغم من عروض كبيرة تلقاها من الأهلي والزمالك، رفض إنبي السماح له بالانتقال، كما منعته الإدارة من الاستجابة لعروض من أندية في البرتغال والنمسا.
هذه القرارات، التي اتخذها النادي، حرمت صبحي من فرص احترافية كان يمكن أن تغير مسار حياته، مما ترك أثره على مسيرته الطويلة مع إنبي التي استمرت 12 عامًا. لكن التحول الكبير جاء مع مرض والدته، الذي دفع صبحي للاعتزال المبكر عن كرة القدم للعناية بها ماليًا ومعنويًا، مما أنهى مسيرته الاحترافية في سن صغيرة نسبيًا.
الواقع المرير: من الملاعب إلى قهوة بأجر 120 جنيهًا يوميًا
بعد اعتزاله، واجه محمد صبحي ظروفًا مالية وعائلية صعبة دفعه إلى العمل في وظائف بسيطة لتوفير قوت يومه ولدعم والدته قبل وفاتها. في تصريحاته الصحفية، كشف أنه يعمل الآن في قهوة ويتقاضى أجرًا يوميًا لا يتجاوز 120 جنيهًا.
هذا الواقع المحزن يقف في تناقض كبير مع حياة النجومية التي عاشها في الملاعب، حيث كان يلعب أمام الآلاف من الجماهير ويحلم بمستقبل مشرق.
النسيان والإهمال: قسوة زملاء الملاعب
ما زاد من معاناة صبحي هو الإهمال الذي واجهه من زملائه السابقين في المنتخب والأندية بعد اعتزاله.
أشار إلى أنه بعد وفاة والديه، لم يتصل به سوى أيمن أشرف وحسين السيد فقط من بين كل زملائه. حاول البحث عن فرصة في مجال التدريب، لكن لاعبًا مدافعًا سابقًا في منتخب مصر، يلعب الآن في دوري خارجي، رفض مساعدته وأغلق الخط في وجهه، بينما طرد لاعب آخر في أحد الأندية الكبرى صبحي من النادي عبر الأمن.
حتى على وسائل التواصل الاجتماعي، قام بعض اللاعبين بحظره، مما عزز شعوره بالوحدة والنسيان.
الدعم الوحيد: أحمد توفيق النجم الذي وقف بجانبه
في وسط هذه الظروف القاسية، وجه محمد صبحي الشكر لأحمد توفيق، لاعب نادي بيراميدز، الذي كان الوحيد الذي قدم له يد العون. هذا الدعم، وإن كان محدودًا، يبرز الفارق الكبير في تعاملات زملائه السابقين، ويؤكد الحاجة إلى الدعم الاجتماعي والمهني للاعبين بعد انتهاء مسيرتهم.
اللحظة مع محمد صلاح: نبوءة تحققت
في جزء مؤثر من قصته، أخبر صبحي أنه كان أول من قابل محمد صلاح في منتخب الناشئين، وكان يؤكد دائمًا أن صلاح سيكون “لاعبًا كبيرًا وسيحترف”.
هذه النبوءة تحققت بالفعل، حيث أصبح صلاح أحد أبرز نجوم كرة القدم العالمية، بينما يعيش صبحي واقعًا مختلفًا تمامًا، مما يعزز الفارق بين النجاح والتحديات في عالم الكرة.
أزمة اللاعبين السابقين: ظاهرة تحتاج إلى حلول
قصة محمد صبحي ليست استثناءً، فالعديد من نجوم كرة القدم المصرية السابقين يعانون من أزمات مالية واجتماعية بعد اعتزالهم، بسبب افتقار الاتحادات والأندية إلى برامج تأهيلية تساعدهم على الاندماج في الحياة العملية.
هذه الظاهرة تبرز الحاجة الماسة إلى إنشاء خطط دعم طويلة الأمد، مثل برامج التدريب، الاستثمار، أو الرعاية المالية، لضمان حياة كريمة للنجوم السابقين.