في ليلة مليئة بالتوتر والتحديات على ملعب النور في البرتغال، تمكن برشلونة من خطف فوز ثمين أمام بنفيكا في ذهاب دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا. لكن هذا الانتصار لم يأتِ بسهولة، بل كان مصحوبًا بلحظة حرجة وضعت الفريق تحت ضغط هائل. باو كوبارسي، المدافع الشاب الواعد، تحوّل إلى بطل القصة السلبي بعد طرده المبكر، ليترك فريقه يقاتل بعشرة لاعبين.
ورغم الانتصار، فإن اعتذاره المباشر لزملائه في غرفة الملابس بعد المباراة أثار الكثير من النقاش حول دوره ومستقبله مع الفريق. في هذا المقال، نستعرض تفاصيل تلك الليلة المثيرة، وكيف تعامل هانسي فليك ولاعبوه مع هذا التحدي غير المتوقع.
لم يكن أحد يتوقع أن تكون مباراة برشلونة أمام بنفيكا بهذا القدر من التعقيد. الفريق البرتغالي، الذي لم يخسر في آخر عشر مباريات له، كان في قمة جاهزيته، وكان ملعب النور جاهزًا ليكون مسرحًا لمعركة كروية حقيقية.
لكن الأمور أصبحت أكثر صعوبة بالنسبة لبرشلونة بعد 20 دقيقة فقط من صافرة البداية، عندما تلقى باو كوبارسي بطاقة حمراء مباشرة إثر عرقلته لمهاجم بنفيكا المنفرد بالمرمى. هذا القرار التحكيمي ترك الفريق الكتالوني في موقف لا يُحسد عليه، لكنه أظهر في الوقت ذاته تماسكًا استثنائيًا.
برشلونة لم يستسلم. بفضل هدف رائع من رافينيا دياز، وتألق لافت من الحارس فويتشيك تشيزني الذي تصدى لعدة فرص خطيرة، تمكن الفريق من حسم المباراة بنتيجة 1-0.
هذا الفوز لم يكن مجرد ثلاث نقاط، بل رسالة قوية عن قدرة الفريق على التكيف والصمود في أصعب الظروف، مما يعزز آمالهم في التأهل إلى ربع النهائي قبل مباراة الإياب على أرضهم.
كان باو كوبارسي، البالغ من العمر 18 عامًا، أحد أبرز المواهب التي يعول عليها برشلونة في السنوات الأخيرة. المدافع الشاب، الذي شارك في أكثر من 50 مباراة على مستوى النخبة، أثبت نفسه كجزء أساسي من خطط هانسي فليك.
لكن في تلك الليلة أمام بنفيكا، كان أداؤه بعيدًا عن المستوى المتوقع. قرار طرده لم يكن مجرد خطأ عابر، بل كاد أن يكلف الفريق المباراة بأكملها، خاصة أنه جاء في وقت مبكر جدًا، مما منح بنفيكا أفضلية عددية لأكثر من 70 دقيقة.
ووفقًا لتقارير صحيفة “إل ناسيونال” الإسبانية، فإن كوبارسي كان يعي تمامًا خطورة ما حدث. بعد نهاية المباراة مباشرة، توجه اللاعب إلى غرفة الملابس ووقف أمام زملائه للاعتذار.
أقرّ بأن تصرفه كان طائشًا، وأن عرقلته لمهاجم بنفيكا كانت يمكن أن تُنهي آمال الفريق في هذه المرحلة الحاسمة من البطولة.
كلماته كانت صادقة ومباشرة: “أعتذر لكم جميعًا، كان بإمكاني أن أدمر كل شيء، ولن أكرر هذا الخطأ مجددًا”.
لم يكن هانسي فليك، المدرب الألماني المخضرم، ليترك هذه اللحظة تمر دون تعليق. بعد المباراة، أشاد بأداء لاعبيه بشكل عام، مؤكدًا أن الفوز جاء نتيجة جهد جماعي رائع. وعن حادثة كوبارسي، قال فليك: “هذه الأمور تحدث في كرة القدم، لقد اتخذنا القرارات الصحيحة للتكيف مع الموقف، والفريق أظهر شخصية قوية”.
كما أبدى تفهمًا لموقف كوبارسي، مشيرًا إلى أن الشاب لا يزال في طور النمو وأن مثل هذه الأخطاء تُعتبر جزءًا طبيعيًا من تطوره.
زملاء كوبارسي في الفريق كانوا أيضًا متفهمين. رافينيا، الذي سجل هدف المباراة الوحيد، وتشيزني، الذي حافظ على شباكه نظيفة، أظهروا دعمهم للاعب الشاب.
الجميع أدرك أن كوبارسي لا يزال في بداية مشواره، وأن الضغط الهائل الذي يواجهه كلاعب أساسي في برشلونة قد يؤدي أحيانًا إلى مثل هذه القرارات الخاطئة.
الشرط الوحيد الذي وضعه الفريق والمدرب هو أن يتعلم كوبارسي من هذا الدرس، وأن يعمل على تحسين قراءته للمباراة في المستقبل.
في ظل الجدل حول طرد كوبارسي، برز نجمان كانا العامل الحاسم في هذا الفوز. فويتشيك تشيزني، الحارس البولندي المخضرم، قدم أداءً استثنائيًا، حيث أنقذ الفريق من أهداف محققة قبل وبعد الطرد.
تصدياته أكدت أنه ليس مجرد حارس بديل، بل الخيار الأول بلا منازع في حراسة مرمى برشلونة هذا الموسم.
من جهته، كان رافينيا دياز هو صانع الفارق بهدفه الرائع، والذي جاء في لحظة حاسمة منحت الفريق الثقة لمواصلة المقاومة رغم النقص العددي.
ما يجعل هذا الفوز مميزًا هو أنه يندرج ضمن سلسلة انتصارات برشلونة المذهلة في عام 2025. الفريق لم يتذوق طعم الهزيمة حتى الآن هذا العام، وهو ما يعكس العمل الجاد الذي يقوده هانسي فليك.
رغم التحديات، مثل النقص العددي في مباراة بنفيكا، يواصل الفريق إثبات أنه يمتلك الشخصية والجودة للمنافسة على كل الألقاب.