منوعات

أرضها ذهب ونساؤها لعب..هل قلل عمرو بن العاص من شأن سيدات مصر؟

إنَّه داهية العرب، عمرو بن العاص، الذي لم تفوته في فنون السياسة وإدارة الجيوش شاردة ولا واردة. وهو ذاته الذي أحب مصر شأنه شأن غيره من بقية العرب،  وقال فيها ما قال من أوصاف، لكن هل نال وصفه من سيداتها وقلل من شأنهن، وهل من العقل أن تصدر تلك الأوصاف من رجل مثل عمرو.

العرب يصفون عمرو بن العاص على حقيقته

«معاوية للمعضلة وعمرو للبديهة».. هكذا كان وصف العرب لعمرو، بل إنهم اعتبروه عن جدارة «داهية العرب رأيا وحزما وعقلا ولساناً».

يصف عمرو بن العاص أرض مصر الخصبة وخضرة زروعها ويصف النيل بقوله: «يخط وسطها نهرٌ ميمون الغَدَوَات مبارك الرَّوْحَات» ويعتبره نهراً «يجري بالزيادة والنقصان كجري الشمس والقمر».

داهية العرب يدعو بكلمات مؤثرة

«مصر يا أمير المؤمنين لؤلؤة بيضاء ، إذا هي عنبرة سوداء ، فإذا هي زَبَرْجَدَةٌ خضراء، فإذا هي دِيبَاجَةٌ رَقْشَاء، فتبارك الله الخالق لما يشاء الذي يصلح هذه البلاد وينميها ويُقرُّ قاطنيها فيها ألا يُقبل قولُ خسيسِها في رئيسها».

كانت تلك الكلمات الموثقة تاريخيا بحق مصر مما كتبه عمرو بن العاص.. ولكن هل هناك من وصف آخر بحق مصر مما كتبه «داهية العرب» يثير غضب المصريين.

غياب المصادر والتوثيق

تداول كثيرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي وصفا بشأن مصر وأهلها وسيداتها.. ونسبوا ذلك الوصف إلى عمرو بن العاص وهو منه براء..

يتضمن ذلك الوصف ادعاءات بأن عمرو بن العاص قال عن مصر إنَّ «أرضها ذهب ونساؤها لعب ورجالها مع من غلب وأهلها تجمعهم “الطبلة” وتفرِّقهم عصا»، والأشد غرابة من ذلك القول أن ناشريه نثروه على عيون ومسامع المصريين دون مستند بشأنه أو دليل عليه وقد ورد هذا الوصف في تاريخ المقريزي دون نسبته لأحد.

تناقض مكشوف بشأن ادعاءات لم تثبت

تاريخيا لم يقف الباحثون على صحة ذلك القول المدسوس على رجل صنفه التاريخ بأنه أحد أذكياء العرب وأقواهم فراسة وقدرة على معرفة معادن الرجال وأصولهم.

وخلافا لتلك الإدعاءات كان المصريون يحبون عمرو بن العاص حبا جماً ويرون في أسلوب إدارته العدل والإنصاف والمساواة بين كبيرهم وصغيرهم في أروع تجارب الحكم الفريدة.

 أسرار الأرصدة الكبيرة بينه وبين المصريين

أما «داهية العرب» فكان يحمل للمصريين كافة رصيدا مماثلا من الحب والإخلاص والوفاء فهم الذين طلبوا من الخليفة عثمان بن عفان – بعد ذلك – أن يرده إليهم.. وهو أيضا الذي طلب من معاوية أن يوليه مصر.

ولكن ما سبب انتشار تلك المقولة المنسوبة إلى عمرو بن العاص عن مصر؟.. علميا يتطلب تحقيق أي معلومة أو مقولة تاريخية جهودا من البحث والمثابرة.. حتى الأشعار ذاتها بحاجة إلى تحقيق وتدقيق لمعرفة نسبتها ومعرفة قائلها.. ومع أحداث كبيرة تعرضت لها مصر منذ عشر سنوات دأب الجميع على الكتابة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ما بين مدعي العلم ومن يزعم إدراك التاريخ، وراجت هذه المقولة كنوع من التدليس والتقول على واحد من قادة العرب الكبار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى