يتمتعون بقدرات أسطورية، يغوصون على أعماق كبيرة دون أدوات للغوص، لا يعرفون النقود ويعيشون على مقايضة الأسماك بالسلع، لا يعرفون كم تبلغ أعمارهم، أو القراءة والكتابة، ولا يعرفون أيضا حساب الوقت، لا يهتمون إلا ببداية يومهم مع شروق الشمس أو نهايته في وقت غروبها وليسوا حريصين على معرفة ما يجري خارج عالمهم البسيط والجميل بالنسبة لهم.. ببساطة لأن هذه هي حياتهم.. ماهي قصة قبائل “الباجاو” بدو البحر؟
تعددت الروايات حول سر قبيلة “الباجاو” الذين يعيشون في المياه والتي أصبحت الحياة على اليابسة شبه مستحيلة بالنسبة لهم فهم منذ ولادتهم وحتى رحيلهم وهم يعيشون بمعزل عن البشر ولا يلتقون بأي فرد من خارج القبيلة إلا في حالات نادرة وخاصة بكبار القبيلة أطلق عليهم لقب ” بدو البحر”.
تقطن قبيلة الباجاو في شرق إندونيسيا رغم أن أصولهم تنحدر من جزر سولو بالفلبين، إلا أن طبيعتهم الترحالية جعلتهم يعيشون بداخل قوارب صغيرة قرابة سواحل إندونيسيا.
يسكنون في بيوت في وسط البحر ومقامة على أعواد خشبية ووسيلة تنقلهم القوارب الخشبية الصغيرة ويعتمدون على الصيد مصدر رزق وطعام لهم.
يتبع 95% من شعب الباجاو الدين الإسلامي وتعاليمه، إلا أنهم ما زالوا يحتفظون ببعض المعتقدات الروحانية التي يختص بها بعضهم، وهي عبارة عن تراتيل خاصة يقومون بها من أجل الحفاظ على سلامة المجموعة.
حياة بدو الباجاو جعلت اهتمامهم بتعليم الأجيال الجديدة تندثر مع مرور الوقت، لذلك فهم عبارة عن شعب أمي، لا يقرأ ولا يكتب، كما أنهم لا يعرفون أعمارهم الحقيقية، ولا هويتهم، حيث لا يعترف بهم كمواطنين تابعين لأي دولة نظراً لتنقلهم المستمر بين إندونيسيا وماليزيا والفلبين.
ونظرا لارتباطهم بالبحار فهم يمتلكون خصائص نادرا ما يمتلكها غيرهم بداية من قدرتهم على الغوص تحت الماء وحبس أنفاسهم لأكثر من 15 دقيقة فالشخص الطبيعي يمكنه حبس أنفاسه تحت الماء بضعة ثوان والمميز يمكنه الاستغناء عن الأكسجين لدقيقتين كحد أقصى ولكن أفراد قبائل “الباجاو” لديهم القدرة على البقاء تحت الماء لأكثر من ربع ساعة وعلى عمق يزيد عن 200 قدم.
ويعتبر الصيد بالنسبة لهم ليست هواية أو مصدر رزق لهم ولكنه أيضا مدرستهم وحياتهم فأبناء القبيلة لا يذهبون إلى المدرسة ولا يتعلمون القراءة والكتابة ولكنهم وبمجرد إتمام الطفل عامه الخامس يبدأ في مدرسة الصيد فيتعلم الغوص والتدريب على صيد السمك عن طريق الغطس والرماح اليدوية كما يتعلمون صناعة القوارب وعند إتمام الطفل عامه العاشر يبدأ التدريب على صيد الأسماك الخطرة والغوص في أعماق أكبر مختلفة.
وشعب الباجاو له معتقداته الخاصة، والتي تتعلق جميعًا بالبحر، فاختيار الزوجة يخبرونك ألا تتزوج الجميلة «فحين يذهب زوجها للصيد، تذهب هي أيضًا لصيد الرجال»، وأهم قواعد مهنتهم : “لا تطرف بعينك أمام السمكة الكبيرة”.
الباجاو أحد أندر الشعوب في العالم، فهم الشعب الوحيد الذي يتخذ البحر وطنا له، ومن سفنه ومراكبه الصغيرة وسيلة تنقل، ومن مياه البحر مصدر ثروتهم.. فهل رأيت أغرب من شعب الباجاو؟