قضية لا تتكرر كثيرًا، فبالرغم من أن محاكم الأسرة تناقش مئات القضايا كل يوم إلا أن تلك القضية من الممكن أن تُصنف على أنها الأغرب بين أوراق القضايا التي فصلت فيها المحاكم المصرية، وتعود أحداث هذه القضية إلى أكثر من ثلاثة وستون عامًا وأبطالها زوجًا وزوجة ولكن من نوع خاص.
في عددها الصادر بتاريخ الثامن والعشرون من يونيو عام 1954، نشرت مجلة «الجيل الجديد» قضية نفقة عجيبة أُقيمت أمام محكمة شبرا أدهشت القاضي والحضور، تحت عنوان «طالب يطلب الطلاق من زوجته المدرسة لأنها صفعته بالقلم!».
بدأت المجلة تقريرها عن القضية الغريبة بـ «قضية هذا الأسبوع دعوى تقدمت بها زوجة تطالب بالنفقة أمام محكمة شبرا إلى هنا والأمر عادى ليس فيه ما يلفت الاهتمام فإن ساحات المحاكم تضيق على سعتها بالمتقاضيات اللاتي يطلبن النفقة من أزواجهن! لكن الذي لم يكن عاديا، بل وكان ما أدهش المحكمة وجمهورها، فهو قصة الطالب نفسه».
وقف الطالب يروى مأساته أما القاضي في المحكمة قائلا: «لقد التقيت بزوجتي وهي تعمل مدرسة بمدارس البنات التي تواجه منزلي فالتقى بها مرات في اليوم فتبتسم لي مما شجعني على الاقتراب منها، وتم التعارف، وكنا نخرج معًا إلى الأماكن العامة والمسارح والسينما».
يتابع الطالب روايته قائلا: «ذات يوم قالت لي أن ألسنة الناس بدأت تلوك سيرتنا – وفهمت انها تشير إلى الزواج من طريق خفي – فقلت لها أنني على استعداد للزواج منها بعد أن أتم دراستي.. وكم كانت دهشتي عندما قالت لي بل الآن وما المانع! فقلت لها: إن المانع هو حاجتي إلى المال وأنني ما زلت أعيش عالة على أسرتي، فقالت لي: إذا كان هذا وحده هو الذي يحول دون تحقيق رغبتك فإنني مستعدة لتأثيث منزل الزوجية والإنفاق عليه – وتم الزواج على هذا الشرط!».
ويضيف الطالب وفق ما جاء في المجلة: «انتقلت معها بالرغم من معارضة أسرتي التي قاطعتني بعد هذا الزواج ووفت زوجتي بوعدها فكانت تتولى الإنفاق على حتى مصروفات الكلية وثمن الكتب هي التي تولتها! وبعد شهرين من الزواج لاحظت في سلوك زوجتي تغييراً مفاجئًا –كانت تخرج في الصباح ولا تعود إلى المنزل إلا في ساعة متأخرة من الليل – فإذا سألتها أين كانت؟ تعللت بأسباب تافهة –كأنها كانت عند صديقة لها مثلا – وتمادت في خروجها وغيابها حتى إنها أمضت ثلاث ليال خارج المنزل وعادت كأنها لم تأت أمراً خارجًا!».
لم يتحمل الطالب هذا الحال، وصرخ في وجهها بأنه لا يقبل أن تهدر رجولته على هذه الصورة، وأن من حقه كزوج أن يعلم أين كانت ومع من كانت طوال هذه الليالي الثلاث! فكان ردها العجيب وببرود تام، أنها حرة تفعل ما تشاء وأنها لا تقبل أن يوجه إليها أي لوم.
يستكمل الطالب الحكاية: «قلت لها: وكيف تفسرين غياب زوجة عن بيت زوجها دون علمه ثلاثة أيام؟ فأجابت مرددة بأنها لا تقبل توجيه مثل هذه الأسئلة، وأنني يجب ألا أنسى أنني أعيش عالة عليها، فهي التي تقوم بالإنفاق علي –ثم امتدت يدها إلى وجهي في صفعة قوية – فلم أتمالك نفسي ورددت لها الصاع صاعين، ثم هجرتها إلى منزل أسرتي أطلب المغفرة على ما بدر منى نحوهم؟».