كثير منا لا يعرف من هو السامري وما هي قصته، والتي تعود احداثها لفترة حكم فرعون موسى، والذي عاش بنو إسرائيل تحت حكمه التعذيب فأخذ يستعبدهم، ويذّبح أبناءهم، ويستحيي نسائهم، حتّى أذن الله -تعالى- لموسى -عليه السلام- أن يظهر أمامه بالنبوّة والرسالة، ولمّا ذهب نبي الله موسى -عليه السلام- للقاء الله، أنزل عليه التوراة مكتوبةً في ألواحٍ، ثمّ أخبره الله -عزّ وجلّ- بأنّ قومه قد فُتنوا من بعده؛ فعبدوا العجل، وأنّ الذي أضلّهم رجلٌ منهم يدعى السامري.
وفقًا للمؤرخين وعلماء الدين، فقد ورد في «السامريّ» أكثر من قصة، فقد قيل: إنّه رجلٌ من قوم موسى عليه السلام، وقيل من غيرهم، واسمه: موسى بن ظفر، وقيل: ميخا، وبلدته كرمان، وقيل: باجرما.
ورغم تعدد القصص، كانت القصة الأقرب أن السامريّ هو من أضلّ بني إسرائيل وأنه بعد غياب موسى -عليه السلام- عن قومه للقاء ربّه، قال لهم إنه قد أبصر شيئاً، لم يكن يُبصره قوم موسى عليه السلام، وهو أنّ موسى قد أمرهم بعبادة إلهٍ لا يُرى، ولا تدركه الأيدي والحواس، فعلم السامري أنّهم سينصرفون عن عبادة ذلك الإله؛ لأنّهم لم يألفوا ذلك من قبل، فأراد السامري أن يجعل لهم إلهاً؛ ليُعيدهم إلى العبادة، فأخرج لهم ذلك الإله؛ وهو العجل.
وبالفعل بدأ السامري في اختلاق القصة، واستغلال قوم موسى عندما علم بأنّ لديهم الكثير من حليٍّ ذهبية استعاروها من الأقباط قبل أن يفرّوا من فرعون، فأمَرهم السامري أن يقذفوا ما حملوا من حليٍ في النار؛ ليتخلّصوا منها، ففعلوا، فأخذ السامريّ حليّهم، وصنع لهم منها عجلاً.
زعم السامري لقوم موسى بأنّ ذلك العجل هو إلههم وإله موسى، لكنّ موسى نسي أن يأخذه معه، وبالفعل صدق بني إسرائيل كلام السامريّ، وظنّوا بأنّ العجل إلههم.
حاول هارون شقيق موسى -عليهما السلام- أن يُرشدهم، وينبههم إلى خطأهم؛ لكنّهم لم يطيعوه، ولمّا عاد موسى توجّه إلى السامريّ ليسأله عما فعل.
أجاب «السامريّ» موسى بأنّه كان قد أخذ قبضةً من أثر حافر خيل جبريل -عليه السلام- عندما نزل ليُغرق فرعون وجيشه، وخبأها السامري معه، حتى إذا صنع العجْل لبني إسرائيل؛ قذف فيه حفنة التراب؛ فصار للعجل خوارٌ؛ وذلك فتنةً لبني إسرائيل، وقد صدّقوها وفُتنوا فيها.
وأمر موسى قومه يأن يُقاطعوا السامري، فلا يتكلّموا معه على الإطلاق، فكانت من عقوبته ألّا يمسّ أحداً، حتى إنّ السامري أُلهم أن يقول: لا مساس، إذا اقترب منه أحدٌ، فكان منفياً عن الناس عقوبةً له، ثمّ إنّ عليه عقوبةٌ أخرى في الآخرة.
وعن سؤال علاقة السامري بالمسيح الدجال، يرى المؤرخون أنه لا توجد أي علاقة بين الاثنين وأن المسيح الدجال شخصية أخرى.