«الزومبي»، تعود هذه الكلمة على الموتى الأحياء، وكان أول ظهور لهذه الكلمة في الأفلام الأمريكية عام 1968، حيث يشير هذا المصطلح إلى الأموات الأحياء الذي عادوا للحياة بوسائل السِّحر الأسود.
وبعد هذا الظهور في الأفلام الهوليوودية وبشكل خاص في أفلام الرعب، اكتسب «الزومبي» زخمًا كبيرًا. يشتهر أمر الزومبيز في عبادة الفودو الإفريقية. لكنّ الكثيرين ربما لا يعلمونَ بأمر «زومبي» القائد المسلم الذي استطاع أن يقوم بثورة لصالح العبيد الأفارقة في البرازيل على المستعمر البرتغالي.
ويستعرض «لقطات» في القصة التالية أبرز الأسرار والمعلومات عن القائد المسلم «زومبي»:
جذور القصة
كشفت وثائق تاريخية محفوظة في متحف الوثائق بالبرازيل أن غالبية المنحدرين من الأفارقة الذين جيء بهم كعبيد إلى البرازيل، هم من جذور إسلامية، وأنهم كانوا يتلون القرآن باللغة العربية.
وأشارت الوثائق إلى أن أفواج العبيد وصلت إلى البرازيل عام 1538م / 945هـ، ولم تمضِ 40 سنة حتى نقل إليها 14 ألف مسلم مستضعف، والسكان لا يزيدون على 57 ألفًا.
وفي السنوات التالية أخذ البرتغاليون يزيدون من أعدادهم؛ إذ جلبوا من دولة أنجولا وحدها 642 ألف مسلم زنجي، وجلّ هؤلاء السود جيء بهم من غرب أفريقيا.
وحُمِل هؤلاء المسلمون في قعر السفن بعد أن رُبطوا بالسلاسل الحديدية، ومات منهم من مات وألقي في البحر من أصيب بوباء أو حاول المقاومة.
اقتلع هؤلاء بالقوة من محيطهم ليكونوا خدمًا مسخرين كالآلات في هذه البلاد، وليس سهلاً تقدير أعداد هؤلاء المنكوبين الذين كانوا يعدّون بالملايين، والذين ظلوا ينقلون من أفريقيا إلى البرازيل وإلى كل أميركا مدة تزيد عن ثلاثة قرون، وقد استطاع الأفارقة أن يُعلِّموا البرازيليين الكثير من المهارات في الزراعة والهندسة المعمارية.
مستعمرة باهيا
كانت حياة الأفارقة في البرازيل مأساوية، فتحت وطأة الظلم الشديد لجأ بعض الأفارقة للهرب إلى الأدغال والغابات وإنشاء مجتمعات خاصة بهم، وكانت مُستعمرة باهيا التي ضمَّت المئات من الأفارقة عام 1579 هي أشهر هذه التجمعات.
عد تحركات الأفارقة، قامت العديد من الحروب بين العبيد وسكان البلاد الأصليين، حيث كانت الغلبة في أكثرها للمستعمر الذي كان يمتلك مدفعية ثقيلة وسلاحا متطوِّرا، ولكن هذه الحروب لم تستطع القضاء على تجمعات الأفارقة بشكل كامل.
وكان مع هؤلاء العبيد المسلمين شيوخهم الذين يعظونهم ويرشدونهم ويفقهونهم في الدين، ويعلمونهم القرآن ومبادئ الشريعة الإسلامية، وبعد أن ازداد عددهم وقويت عزيمتهم، قاموا بعدة ثورات تحررية.
وكان من أهم هذه الحركات تجمع الأفارقة في منطقة بالميرس شمال البرازيل، في القرن السابع عشر وبالتحديد عام 1605م / 1013هـ.
واستطاع الأفارقة بعد عناء شديد تأسيس كيان للمسلمين وصل عدد سكانه 30 ألفا معظمهم من السود، وتم اختيار الزعيم جانجا زومبا كملك لهذا الكيان المسمى «بالماريس».
ظهور القائد زومبي
بعد معارك كويلة وفترات من النزاع بين جانجا زومبا وشعبه من جهة، وبين السكان الأصليين من جهة أخرى؛ عرض الحاكم البرتغالي بيدرو ألميدا على زومبا معاهدة صلح مع بالماريس تقضي بإعطاء البرتغاليين الحرية لجميع «العبيد» الهاربين إذا أعلنت بالماريس انضواءها تحت السلطة البرتغالية، وافق زومبا، ولكنّ أحد القادة الشباب وكان يدعى «زومبي» لم يوافق على الاتفاقية التي رأى أنها مجحفةً لهم. إضافةً إلى أنه لم يكن يأمن جانب البرتغاليين.
رفض زومبي المعاهدة تمامًا وأعلن انقلابًا على الزعيم زومبا، وقاد زومبي المعارك ضدّ البرتغاليين، منذ عام 1678م / 1089هـ، ولم تستطع السلطات البرتغالية إيقاف مد المسلمين إلا بعد مقاومة طويلة حيث سقطت بالماريس في النهاية في أيدي البرتغاليين عام 1694م / 1106هـ.
القبض على زومبي
بعد قيادة زومبي للمعارك ضد البرتغاليين، أُلقي القبض على زومبي وتم قتله والتمثيل بجثته في 20 نوفمبر 1695م / 1107هـ.
لم تكن ثورة زومبي هي الثورة الوحيدة ضد المستعمر البرتغالي، ولا مستوطنة بالماريس هي الوحيدة، فقد حدثت سلسلة من الثورات امتدت على مدى قرون، وصولًا إلى العقود الأولى من القرن التاسع عشر الميلادي، لكن ثوراتهم سحقت بمنتهى الوحشية والقسوة، وقد أجبرهم البرتغاليون على ترك دينهم وتغيير أسمائهم.