يعيش سبعون ألف من الغجر في الأردن، متمسكين بعالمهم الخاص وكأنه محاط بأسوار تمنع دخول الأغراب إليه، كما تمنع خروج منه. إنه الجيتو أو المجتمع المغلق الذي اشتهروا به على مر العصور. لهم عاداتهم وتقاليدهم ومطالبهم. يطلق عليهم قبائل النور والتركمان، فما هي حكايتهم؟ سأحكي لكم في التالي:
قبائل النوَر وقبائل التركمان في الأردن، لكل منها تاريخ وجذور يختلف عن الآخر، المشترك الوحيد بينهما أنهما يعيشان في الأردن من قبل حتى تأسيس المملكة، وأنهم الآن يحملون الجنسية الأردنية، أما الاختلافات فتبدأ من الأصول والبدايات البعيدة.
النوَر يُعتقد بأن أسلافهم غادروا شبه القارة الهندية حوالي القرن السادس ميلادي (إلا أنهم يرفضون هذه الرواية ويأكدون على أنهم عرب ينتسبون إلى بني مرة الذي انتقم منهم الزير سالم وحكم عليهم بالشتات)
أما التركمان فهو شعب تعود أصوله إلى إحدى القبائل التركية الموجودة في تركمانستان، وشمال شرقي إيران، وأفغانستان، وشمال القوقاز. وفي مرج ابن عامر في فلسطين، يقطن تركمان كثر ينحدرون من أصل عربي.
التركمان مواطنون أردنيون بجوازات سفر وهويات، ومنهم من عمل في الجيش العربي ، يعيشون في محافظة مادبا وفي عدد من مناطق العاصمة عمّان. كبيادر وادي السير وبعض القرى، لكنهم لا يستقرون في مكان ما، ولا يستطيعون التحكم في حالة الجو، فيضطرون إلى مواصلة ترحالهم -قسرًا لا طوعًا هذه المرة-، بسبب ترحيلهم من البلديات أو أصحاب الأراضي من جهة، والمطر والحر من جهة أخرى. وجمع الخردة هو مصدر دخلهم وأشبه بوظيفتهم الرسمية، يشارك فيها أفراد العائلة جميعا.
تميز الغجر النوَر والتركمان تاريخياً بأزيائهم الملونة، وأسلوبهم المعيشي المتنقل بين الخيَم، وموسيقاهم المعزوفة على الربابة، ولكنهم يختلفون في العادات والتقاليد والجذور ، بالرغم من أن جزءاً منهم ترك معيشة الرحالة واختار العيش في المدن، إلا أنه ما يزال هناك منهم من بقي على أسلوب معيشتهم القديم المتمثل في التنقل بين المناطق العالية في مادبا وعمان وإربد في فصل الصيف إلى الأغوار في فصل الشتاء
والبعض منهم امتهن مهنة ضرب الودع والتي تقوم بها امرأة شابة أو عجوز تتنبأ بالمستقبل من خلال وشوشة الودع والقاء بعض من الأموال لها ، وعرف عنهم ذلك وأصبح لديهم من يذهب إليهم مخصوص من المواطنين العاديين لقراءة الودع أو الفنجان أو رؤية الطالع ، فاشتهرت خيم غجر النور بهذه المهنة خصوصا في أوقات مهرجانتهم واحتفالاتهم
والبعض الآخر يقدم عروض الخفاء والعاب البهلوانات وهي مهن توارثوها عن أصولهم وأجدادهم فهم مبدعون في العاب ممارسات السحر.
يُقدر عدد الغجر اليوم في الأردن بحوالي ٧٠ ألف شخص، غالبيتهم يعتنق الإسلام ويتحدثون العربية. يعاني البعض من الغجر للأسف للتمييز المجتمعي بسبب ثقافتهم الغير مألوفة، مما فاقم من عُزلتهم عن العالم وزاد من فقر جزءاً منهم.
يتمنون أن يعيشوا الدفء وينظر إليهم العالم أنهم أناس كما كل الناس.
ونجدهم يفترشون بقاع الأرض،وبألوان مختلفة، الأرض هي عنوانهم، وهويتهم الخيمة البلاستيكية الممزقة البالية التي أكل الدهر عليها وشرب.
يفترشون المساحات الشاسعة في أرض ما، من العاصمة عمان، وقد يرتحل البعض منهم إلى الأغوار هربا من برد عمان.
ما حياتهم سوى ترحال وتنقل وأناس لا يزالون يعيشون على الهامش. وقد تمركزوا في أراض خالية وسط عمارات حديثة الإنشاء.. يعانون من نظرة المجتمع السلبية لهم .
النّور في الأردن اكتسبوا عادات وتقاليد البلد التي تمركزوا فيها حتى الأسماء والطباع وأسلوب الحياة بشكل عام أصبح قريبا جدا من المواطن الأردني العادي البسيط .
يحلمون بالانتقال من الخيام إلى المنازل التي تقيهم حرقة أشعة الشمس وزمهرير البرد وزوابع الرياح . وإن أمكن الدخول إلى المدارس والعيش كما الآخرين.