سر صناعة البوظة الذي امتلكه موفق بكداش وأذهل دول العالم ؟

لا صوت يعلو فوق صوته ولا اسم يضاهيه قوة في المنافسة بعد أن سيطر ذلك الاسم على السوريين وغيرهم عشرات السنوات ولم يقو أحد على مواجهته حتى أصحاب الأموال والنفوذ.. وهكذا أجبر الرجل المؤرخين على توثيق اسمه بمجرد الحصول على «نبتة» أدرك سرها جيدا.. فما سر الإبهار والسحر الكامن في حي سوق الحميدية في دمشق؟.. تعالوا نتعرف على قصته الغريبة.

هناك في سوق الحميدية الذي تصدر قائمة الأشهر بين أسواق دمشق وحواضرها تاريخيا..تلمس «موفق بكداش» الخطا التي بدأها والده محمد حمدي بكداش قبل مائة وثمانية وعشرين عاما مستهدفا بها السيطرة على أمزجة السوريين والوصول إلى دول أخرى، وخرجت أهدافه عن كونها عملا تجاريا لتصبح سر الصنعة التي عبرت الى الدول العربية المجاورة وأوربا .

سترابة.. ماذا فعل بزوار العاصمة
تحول محل «بوظة بكداش» إلى قبلة للسوريين ولجميع زوار العاصمة السورية ومنذ أن تأسس عام ألف وثمانمائة وخمسة وتسعين .. وضع مؤسسه محمد حمدي بكداش نصب عينيه التخلي عن جميع أذواق السوريين والدخول إليهم من طريق لا يتوقعونه حيث بدأ يتفقد منطقة صحراوية قرب الحدود السورية التركية.

استقر «بكداش» على اكتشاف نبتة يمكن إضافتها إلى الحليب للخروج بطعم متفرد يضمن به السيطرة على أصحاب المزاج، ولأنه يعلم حب السوريين للتغيير استقر على اختيار «المسحلبة» ذلك النبات الذي ينمو بطريقة برية في جبال وصحاري البلاد.

من حرفية الليمون لخبرة البوظة

ركز «بكداش» على إقناع عملائه بتناول الخليط الجديد بدلا من عصير الليمون الذي احترفه ومدى جدواه صحيا خصوصا وأنه يعلم أن أي احتمال للخطأ أو تعرض أحد المشترين لأزمة صحية سيضع سمعته على المحك في واحد من أشهر أسواق سوريا بين قائمة الأسواق العربية التاريخية.

كانت رؤية بكداش في تصنيع مادة غذائية مميزة ، ويضمن لنفسه ربحا بسر خلطته التي ظلت لديه في طي الكتمان حتى بات السوريون يعتقدون أن وراء تلك الخلطة سرا لم يعرف تفاصيله سوى العاملين في ذلك المكان.

تحدي الحصول على الثلج

لم تكن البداية سهلة أمام بكداش ، فقد كان عليه الحفاظ على المادة المصنعة طازجة تحت درجة برودة تضمن حفظها جيدا في أجواء حر الصيف ، فاضطر الرجل إلى الإقامة في مغارات بقلب الجبل في رحلة جمع وتجهيز «المسحلبة».

هناك في أغوار الجبل كانت تتواصل رحلة إعداد «البوظة» حيث تحول العمال إلى خلية عمل متواصلة وكانت عملية التبريد تتضمن تبطين المغارات الجبلية بالثلوج وإحكام غلقها بالطين.. وكان يلجأ في ذلك إلى براميل يشتريها من الجيش لاستخدامها في التبريد.

طريقة غريبة للدعاية

أنارت الكهرباء دمشق مطلع ثلاثينيات القرن الماضي وهنا بدأ التفكير في استعمال مبردات.. وذاع صيت «بكداش» بأسلوبه وطريقته التي كانت تعتمد على الدعاية بالعلاقات حتى أن دبلوماسيين حضروا إليه وتذوقوا البوظة الشامية وتوالت الطلبات من دول تطلب الاستعانة بصناع البوظة لإعدادها لديها.

بالفعل كان بكداش طرفا أصيلا في تزويد دول مثل روسيا وبريطانيا وإيطاليا وفرنسا بأصحاب الخبرة في إعداد البوظة الشامية واستقر العمال في تلك الدول ليكونوا سفراء للإبداع السوري في أرقى ابتكاراته.

وبعد ذلك طلب الوالي ناظم باشا طاقما من الخبراء المهرة في إعداد البوظة الشامية التي سيطرت على أمزجة الأتراك كما استهوت السوريين وغيرهم بمذاقها وسرها الذي عجزت عنه سيدات أوروبا والعرب ليظل صانعها الأول الرجل الأكثر تفردا في الابتكار والخروج بأفكار متميزة.

Exit mobile version