تتعدد قواعد النظافة الشخصية وتتنوع بين كل ثقافة وأخرى وبين كل شعب وآخر.. ويتوحد هدفها في الوقاية الصحية و إعلاء كرامة الإنسان ومكانته.. وتذهب بعض الشعوب إلى إجراءات قد تبدو غريبة على مجتمعاتها فيما يتعلق بالنظافة الشخصية.. ولكن مشكلة تظهر وقت السفر إلى دولة يطبق شعبها أساليب نظافة مغايرة.
ما أن يصل مواطن عربي إلى أي من الدول الأوروبية أو الولايات المتحدة الأمريكية، حتى يفاجأ بأسلوب مستغرب في النظافة الصحية. وبمجرد دخوله دورة المياه يكتشف المفاجأة الصعبة.
تعرف الدول الأوروبية والولايات المتحدة بعدم وجود ما يسمى «الشطاف» في دورات المياه والذي يعتمد عليه شعوب الدول العربية ودول الشرق الأوسط في النظافة الصحية.
يقع الوافد على تلك الدول في حيرة من أمره بينما يكتشف أن شعوبها يستخدمون في دورات المياه «المناديل الورقية» و«المناديل المبللة»، ويظل يسأل نفسه: هل تكفي تلك الطرق لضمان النظافة التام بعد قضاء الحاجة؟ وتتزايد شكوك لديه حينما يعلم بأن مجرد ورود الماء على الجلد يقضي على سبعين في المائة من الميكروبات.
ولكن ما الذي يمنع الأوروبيين والأمريكان من استخدام «الشطاف» في النظافة الشخصية؟
تعود قصة الابتعاد عن تلك الطريقة في النظافة الشخصية إلى أسباب ثقافية مرجعها إلى القرن الثامن عشر حيث كان استخدام «الشطاف» منتشرا في فرنسا، كان البريطانيون يرفضون نمط الحياة المتعالي الذي يطبقه الفرنسيون فرفضوا كل ما يردهم من روافد الثقافة الفرنسية بما في ذلك أساليب النظافة الشخصية؛ لذلك رفضوا استخدام الشطاف.
معروف عن الأمريكيين أيضا أنهم كانوا يتأثرون بالثقافة البريطانية وبالتالي رفضوا استخدام الشطاف. تذهب آراء مغايرة إلى أن أسبابا أخرى وراء رفض استخدام الشطاف لدى شعوب تلك الدول وهي أن «الشطاف يرتبط بسوء السمعة»، حيث كان يتم استخدامه في بيوت تُمارس فيها أفعال غير أخلاقية وكان الجنود الفرنسيون يذهبون إلى تلك البيوت إبان المواجهة العالمية الثانية. لذلك ارتبط «الشطاف» بتلك الأماكن وساد موروث ثقافي بشأنه في أوروبا والولايات المتحدة مفاده أنه أمر غير أخلاقي!!!.
وفي العصر الحديث يُعْزِي الأوروبيون عدم استخدام الشطاف إلى ارتباطه بنشر الجراثيم في دورات المياه؛ لذلك يعتبرون ورق الحمام خيار صحي أكثر أمانا على الرغم من عدم وجود أبحاث علمية تؤيد تلك العادات.
وتعمد مصانع المناديل المشار إليها إلى صناعتها من مواد تتفتت سريعا في المياه فور إلقائها في الحمام؛ بحيث تضمن عدم سد أنابيب الصرف الصحي.
ويعد الأمريكي جوزيف جاييتي أول من اخترع المناديل الورقية عام ألف وثمانمائة وسبعة وخمسين وبدأ يروج لها حتى حقق مكاسب هائلة.
وتقول المؤرخة باربرا بينر في كتاب «المرحاض» إن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا هما الأكثر تأثيرا على عادات النظافة الشخصية وتصميمات المراحيض العصرية حول العالم.
وبرغم تعدد أساليب النظافة الشخصية واختلافها من شعب إلى آخر يبقى الهدف واحد، وهو الحفاظ على أعلى معدلات النظافة تفاديا لحدوث أضرار صحية.