فرقة منشقة ، استطاعت أن تبني دولة داخل الدولة ، حكمت الخليج العربي لنحو 170 سنة، هددوا الخلافة العباسية في عقر دارها، في بغداد، بعد أن اجتاحوا البصرة ونكلوا بأهلها . فهل كانوا يسعون للحلول مكان الخلافة العباسية ؟ وهل حققوا ما أرادوه من مجد أم أنهم جددوا عهد الفتن والمؤامرات والانقسام الذي قوّض فكرة الخلافة ؟
فرقة منشقة من الشيعة ، هي فرقة الاسماعيلية ، قررت الانفصال عن الدولة العباسية التي كانت تترنح تحت مطرقة الزمن ، وقررت تلك الفرة تكوين دولتها الخاصة ، كان اختيارهم لمقرهم في الخليج بموقع دولة البحرين حاليا له مغزى ودلالة ، فهذه المنطقة من الخليج كانت بؤرة للتمرد والتطرف والعداء لفكرة الدولة، فتلك المنطقة شهدت العديد من حركات التمرد خاصة في وقت الخليفة ابي بكر الصديق فيما عرف بحروب الردة ، فهل استمروا على نفس المنوال باحثين عن استقلالهم عن دولة الخلافة ؟ وهل استغلوا ضعف الخلفاء العباسيين من أحفاد هارون الرشيد .
كان أبو طاهر القرمطي ملك البحرين قد حظي باستقلالية تامة لإمارته في ظل الخلافة العباسية التي تفككت وتحولت إلى دويلات، من ثم نصب البرمكي نفسه ملكا على البحرين ، وفي عام 317 هجرية – الذي يقابل عام 903 للميلاد قرر القرمطي غزو مكة في وقت الإحرام، وبالفعل غزا مكة وتعدى على الحجيج وقت الإحرام وانتزع الحجر الأسود من الكعبة وحمله إلى بلاده البحرين واستمر لديهم هناك نحو 22 عاما ، حتى تدخل الخليفة الفاطمي المهدي العلوي وهددهم تهديدا شديدا فردوا الحجر إلى مكة حتى يستكمل الناس مناسكم .
هناك رواية أخرى تقول أن أبا طاهر القرمطي أراد الاستفادة من الحج وتحويله إلى البحرين بدلا من مكة لذلك اشترى الحجر الأسود من الخليفة المقتدر بنحو 30 ألف دينار ، وقيل في ذلك أن الحجر حين وصل البحرين شكوا في أمره فربما يكون مزيفا، فأخبرهم أحد الرجال عللى علامتين يعرف بهما الحجر الأسود هو أنه يطفو فوق الماء ولا يسخن بالنار ، وحين اختبروه وجدوا العلامتين صحيحتين .
وفي تلك الأثناء تحول القرامطة إلى قطاع طريق حقيقيين ، قاموا بمهاجمة قوافل الحجيج أكثر من مرة ، واستمرت الأزمة لسنوات طويلة حتى أن أهل العراق والشام ومصر أوقفوا الحج لسنوات حتى تنتهي فتنة القرامطة .
حين أخذ القرامطة الحجر الأسود تدخل اكثر من حاكم مسلم يحاول إقناعهم برده ، حتى أن حاكما من بلاد الترك عرض على القرمطي 50 ألف دينار لكنه رفض إعادته ، وفي النهاية وبعد تهديد الخليفة المهدي العلوي قرروا إعادته إلى الكوفة وهناك تم تعليقه على عامود عال ليراه الجميع ويستأنسوا به، ثم ذهبوا به إلى مكة ووضع مكانه .
هذا ما فعله القرامطة ، وتلك بعض مما زرعوه من بذور الفتنة في دولة تتحلل ، فهل ترى منطقا فيما فعلوه أم أنه الجبروت والكبر والاستحواذ على السلطة ؟