هي واحد من القصص التي قد تصلح لتكون أحد روايات الأفلام، هي قصة سيدة جدها كان أحد أهم سلاطين المسلمين وأغناهم حفر الآبار على طريق الحجاج وكسى الكعبة وهي الآن تبيع الشاي في شوراع الخرطوم.. ما قصة سعاد فضل؟
سيدة هزيلة الحجم ذات ضفائر رمادية تجلس تحت شجرة أمام سجن أمبدة بالخرطوم ، وتبدو متعبة في حرارة الظهيرة الخانقة، من الصعب تخيل أن هذه السيدة البالغة من العمر 70 عامًا هي أميرة منطقة بحجم فرنسا، أو بالأحرى، لكانت لو لم ينهي الجيش البريطاني حياة جدها الأكبر السلطان علي دينار منذ 100 عام.
السلطان علي دينار، هو آخر سلاطين دارفور وله مكانة كبيرة لدى السودانيين، فإلى جانب مناهضته البريطانيين، اهتم بتأسيس دولة قائمة على تعاليم الإسلام ونشر العدالة.
ويعتز السودانيون بالسلطان “علي دينار”، فهو الذي كان يرسل خراج المحاصيل الزراعية، إلى المحتاجين في الأراضي المقدسة، ويكسو الكعبة المشرفة عند موسم الحج.
وحسب مؤرخين، فإن الإنجليز عطلوا آنذاك القافلة السنوية، التي كانت تذهب من مصر إلى مكة المكرمة حاملة كسوة الكعبة، ليبادر السلطان دينار بتسيير قافلة بديلة.
ويقول مؤرخون إن السلطان المتدين ظل يرسل المحمل إلى الأراضي المقدسة وهي تحمل كسوة الكعبة ومؤنا للحجاج لمدة عشرين عاما، بعد إن عطل الإنجليز القافلة التي كانت تذهب من مصر إلى مكة المكرمة.
ووقتذاك حفر السلطان دينار، آبارا في الأراضي المقدسة لترتوي منها قوافل الحجيج، والتي مازالت موجودة حتى الآن.
فعلى الرغم من تراثها الملكي، أمضت “سعاد فضل” السنوات العشرين الماضية في بيع الشاي والزلابية خارج السجن بأحد أفقر أحياء المدينة، وتتقاسم المنزل مع أطفالها الثمانية وأحفادها.
وقالت “سعاد فضل”: “أبيع الشاي لأنني لا أريد أن أطلب المال من الناس. عندما يكون لديك أموالك الخاصة في جيبك ، فهذا أفضل شيء “.
دفعت عائلة “دينار”، ثمن علاقة جدها السلطان زعيم دارفور المستقلة المتزايدة والوثيقة بالإمبراطورية العثمانية – وحظره على الزوار الأوروبيين – دخول بلاده، فشن البريطانيون عملية عسكرية ضده وتم السيطرة على دولته في عام 1916، وتم استهداف السلطان نفسه ورحل في نفس العام.
أُجبر صغار دينار، على الفرار خوفًا من أن يستهدف البريطانيون ورثة سلالته، وتعرضت عائلته إلى التهميش من جانب جميع الحكومات الوطنية المتعاقبة في الخرطوم.
فكل الحكومات التي حكمت السودان بعد البريطانيين تجنبت عائلة دينار لأنهم كانوا على دراية بالسلطة والشعبية، والتي كان من الممكن أن تدفعهم إلى حكم دارفور بعيدًا عن الخرطوم. لم يكونوا يريدون ذلك”.
ولدت حفيدة السلطان “سعاد فضل”، في شمال كردفان، على عكس بعض أبناء عمومتها، وبقيت مع عائلتها حتى تزوجت من زوجها الثاني ربيع الذي كان يعمل عسكريا في الخرطوم، وأنجبت ستة صغار وأنشأت مطعمها الصغير في سوق سوق ليبيا بأم درمان.
بعد ذلك، مع اقتراب سن الشيخوخة، تحولت إلى بيع الشاي، وانضمت إلى مجموعة من سيدات الشاي الأخريات اللاتي يبعن الوجبات الخفيفة على جوانب طرق المدينة.
لكن على الرغم من أنها تعيش بعيدًا عن وطنها، فقد ظلت على اتصال وثيق بدارفور وعائلة علي دينار.
وتقول سعاد فضل بحسب ذا جارديان”، أن ابنتها الأرملة، هي الأخرى تبيع الخبز المنزلي، مما يساعدها في تربية صغيريها وتوفير الإيجار لوالدتها.
حياة سعاد فضل دينار هي من أغرب القصص التي قد تمر عليك، فهل يتصور أحد أن تكون حفيدة أغنى سلاطين المسلمين بائعة شاي على قارعة الطريق؟