على رأس تلك الفوهات الغامضة ظهر حجر أملس حجر يمزج بين لونين، لكن المنظر من الداخل يجلب الخوف لمن خاطر بالنظر إليه فالأصوات الصادرة من أسفل الأرض لا تبشر بخير.
وفي مدينة العالم السفلي ليس من حق أحد أن يسأل عن مصيره فقد اختفى كل أمل في العودة بعد عبور بوابتها..
البيوت تبدو خاوية، لكن أحفاد البنائين الأوائل يسكنون المدينة دون أن يراهم أحد.
خطوة على الصخور يسمع صاحبها ردا عليه .وهمسة تردها الحوائط بأصوات مماثلة..فما الذي يحدث في تلك المدينة .. مدينة الجان؟
يظهر سطح الأرض من تلك المنطقة من العالم عاديا جدا،هو مجرد أحجار ناعمة تتكون من صخور التوفا تلك الصخور التي تمزج بين اللونين الأبيض والرمادي.
لكن مجرد طرقة قوية على تلك الحجارة يسمع الطارق صدى من تحت الأرض، وللوهلة الأولى يتبين للطارق أن فراغا عميقا في الجوف..هذا الفراغ ليس بئرا عميقا وليس كهفا في تجويف جبلي ..فماذا سيكون إذن؟
أغرب مدن العالم
إنها مدينة ديرينكويو المصنفة على أنها من أغرب مدن العالم حيث الأعمدة الصخرية المنحوتة بأيادٍ غير أيادي البشر وهي ليست ظاهرة على وجه الأرض بل إنها مدينة سفلية تحت الرمال والصخور ويتجاوز عمرها خمسة آلاف عام من الزمان ولم يصل الخبراء إلى ألغازها الكاملة حتى الآن..
سكان المدينة الراحلون
عشرون ألف كائن كانوا هنا في ذلك المكان بين غرفه ودهاليزه يمشون ويصبحون ويمسون دون حاجة إلى أشعة الشمس ودون احتياج إلى نوافذ يفتحونها صباحا فيجدون هواء يتدفق .. لأن انخفاض درجة الحرارة يحدث فجأة بمجرد النزول إلى هذه الأعماق السحيقة التي تجذب تصميماتها أبصار الزائرين.
أنفاس تتلاحق وهواء يتدفق
تتلاحق أنفاس أي إنسان يهبط إلى ذلك المكان حيث يجد نفسه في مدينة مكونة من أحد عشر طابقا يعلو بعضها بعضا وقد صممت بطريقة فريدة لضمان تدفق الهواء إلى السكان وكفايتهم حاجتهم من الأكسجين دون أن يتعرضوا لأذى الانعزال الناتج عن التباعد مع العالم الخارجي.
35 مترا استعصت على المنقبين
خمسون مترا فقط هي التي وصلت إليها أيادي المنقبين حتى الآن من عمق يقترب من مائة متر تحت سطح الأرض، فيما أجمعت مصادر على أن عمق مدينة الجان يقترب من ثلاثة عشر طابقا تحت الأرض وقد تمت تهيئة الطابق الخامس كدار عبادة فريدة في تصميمها.. لكن إذا كان المؤرخون أجمعوا على أن بناة المدينة من البشر .. فما الذي دفعهم لبناء تلك المدينة بهذه الطريقة الغريبة؟
200 مدينة متشعبة
قبل التعرف على أسباب بناء تلك المدينة لنا أن نعلم أن مائتي مدينة مماثلة تشعبت تحت الأرض في تلك المنطقة، وإن كانت أيادي المنقبين لم تصل إليها بشكل كامل.. أما أسباب بناء هذه المدن بتلك الطريقة فتعود إلى الأحداث المائجة في عهد الدولة الرومانية حيث خشي بناة تلك المدن من اضطرابات كادت أن تودي بحياتهم فاختاروا العيش تحت الأرض بأمان.. أما صدى الأصوات الذي يسمعه الزائرون فهو رجع صدى كلامهم ولا يستدعي الخوف بقدر ما يستدعي الانبهار بما وصل إليه البناؤون الأوائل.. بتلك المدينة التي لم يؤثر فيها الزمن ولم تقربها الزلازل.
