هل سمعت عن علم الحشرات الجنائي؟ لا تستغرب فالحشرات إستخدمت قديما وحتي اليوم في كشف غموض العديد من الحوادث كيف هذا؟ وما هي أول جريمة كشفتها الحشرات؟ وكيف تصل الحشرات لأسرار الجسم ؟
كل ذلك في ملخص القصة!!
بعض المخلوقات الصغيرة أوكلت لها الطبيعة مهاما جساما غيرت حياة البشر ، مثل الغراب الذي علم الانسان دفن الموتي والهدهد الذي كان سببا في إيمان ملكة سبأ، والنمله التي ضحك سيدنا سليمان من قولها.
ومن هذه المخلوفات بعض أنواع الذباب الازرق والاخضر الذي يتحرك نحو جسم الانسان بعد الوفاة، والتي تتجمع علي أي شيء ذهبت منه الحياه وأصبح غير صالح ، فتقبل عليه وتتغذي منه .
فقديما وقبل تطور علم البحث الجنائي استخدمت الحشرات في الكشف عن الجناة وتفاصيل الوفاة، ففي القرن الثالث عشر، وقعت حادثة مروعة بإحدى القرى الصينية، عندما وجدوا فلاحا مفارقاةالحياة بالقرب من حقل أرز، وكان الطب الشرعي يخطو خطواته الأولى ويجتهد المحققون في تتبع الأدلة؛ للكشف عن المجرمين.
وأول خطوة أجراها القاضي في تلك القضية هي التعرف على الأداة المستخدمة في الجريمة، ولما افترض، من هيئة الجرح أن تكون أداة حادة من تلك التي يستخدمها الفلاحون لجني المحاصيل مثل الأرز والبرسيم وغيره ، طلب من الفلاحين المشتبه بهم أن يأتوا بما يمتلكونه من تلك الأداة عند ساحة البلدة، وبعدما تجمعوا، أمرهم بوضع أدواتهم على الأرض.
بدأ الذباب الأخضر الحركة نحو الأدوات الحادة، وتجمع بكثافة عند أداة بعينها. ولسوء حظ الجاني، فذلك الذباب ينجذب للأنسجة الرخوة وجزيئات معينة مهما كانت دقيقة لا تُدرك بالعين المجردة. ما فعلته تلك الحشرة كان كفيلًا بالكشف عن المجرم الذي اعترف بجريمته.
واستمرت الاستعانة بالحشرات في تقدير تاريخ الوفاة، إلى أن أعلن عالم الحشرات الألماني هيرمان رينهارد عن أول دراسة علمية منهجية في علم الحشرات الشرعي عام 1881، ما جعله مؤسس ذلك العلم.
وبإختصار فإن هذا العلم يدرس كل أنواع الحشرات التي تتحرك نحو جسم الإنسان بعد رحيله، فالحشرات الموجودة على الجسم في موضع الحادث، تختلف عن تلك التي تظهر في حالة نقله بعد الرحيل، وهناك حشرات معينة تتغذى على الجسم في المياه، وأخرى تُقبل عليه في الأرض.
وتتضح أهمية علم الحشرات الجنائي عندما تم الكشف عن جريمة حدثت عام 1935، إذ ظهرت بعض الأجزاء لسيدة ملقاة في نهر بالقرب من مدينة أدنبرة في اسكتلندا، وتم التعرف على هوية السيدة ، لكن تبقى معرفة الجاني، وأشارت الأدلة الجنائية إلى أنّ اليرقات الموجودة على أجزاء جسم السيدة في المرحلة الثالثة، ما يعني أنّ الحشرات وضعت البيض في فتحات الجسم قبل أن يُلقى بها في النهر، وهذا دلَّ على أنّ الجريمة تمت على اليابسة أولًا، ما ساعد على تحديد الجاني.
ولعلنا نتسائل كيف يتعرف الذباب علي جسم المتوفي .. يؤكد علم الحشرات الجنائي أنه بمجرد مفارقة الجسم للحياة ، تبدأ عملية “التحلل الذاتي”، وفيها تعمل البكتيريا الموجودة في الجهاز الهضمي على تدمير الأنسجة الرخوة؛ فتُنتج بعض السوائل والغازات، وهناك جزيئات متطايرة، تتسرب من الجسم المتحلل، وتنجذب إليها الحشرات.
وعندما يذهب الذباب للجسم يُوضع البيض في فتحاته الطبيعية والجروح، وعندما يفقس، تظهر اليرقات، وهي كائنات صغيرة جدًا، وتنمو تلك اليرقات على 3 أطوار؛ حتى تظهر الذبابة.
وعادةً ما تصل هذه الحشرات إلى الجسم خلال 24 ساعة من الوفاة، وأحيانًا خلال دقائق إذا كان هناك سوائل نفاذة .
لذلك استخدم علم البحث الجنائي، الحشرات الموجوده علي الجسم في تقدير زمن الوفاة، عن طريق دراسة عمر اليرقات والذباب الموجود علي الجسم ومراحل نموه.
الحشرات تستخدم أيضا في الكشف عن عدم صلاحية العديد من الأغذية للاستهلاك والتي تتحرك اليها عندما تفسد وهذا ما يسمي علم الحشرات المدني.