عُليَّة بنت المهدي شاعرة عربية وأميرة عباسية، وهي أخت الخليفة العباسي هارون الرشيد عرفت أيضا بـاسم “العبّاسة” وقد وُلدت سنة 160 للهجرة، وهي ابنة الخليفة العباسي الثالث المهدي بن المنصور… فما هي قصة تلك الأميرة التي حظيت بمكانة كبيرة في مجتمعها؟
كانت عُليّة امرأة ثرية ولديها الكثير من الجواري، وعُرف عنها أنها امرأة بارعة استطاعت بسهولة أن تحظى بمكانة في مجتمعها، وقد حافظت على علاقتها الوطيدة بإخوتها الخلفاء، خاصة أنها ترعرعت على يد أخيها غير الشقيق الخليفة هارون الرشيد بعد وفاة والدها.
كانت الأميرة عُليّة كأخيها غير الشقيق إبراهيم بن المهدي مشهورة بالعزف والشعر. وقيل إنها فاقَت أخاها مهارة، فلم تكن الأميرة الوحيدة المشهورة بتأليف الشعر والأغاني فقط، بل كانت الأكثر موهبة.
معظم أخبارها منقولة عن كتاب “الأغاني”، إذ تألّف الكثير من أشعارها من أبيات قصيرة صمّمت للغناء. وتناولت أغانيها مواضيع الحب والصداقة والحنين إلى الوطن، ومدح الخليفة هارون الرشيد، والهجوم الشرس على خصوم الدولة والخليفة.
كان أخوها الرشيد يقدر أخته علية، لا لمجرد أنها أخت، بل لأدبها وشعرها وغنائها أيضاً، فكان يبالغ في تكريمها ويجلسها معه على كرسي عرشه الذي يكون عادة في صدر المجلس، ولكنها كانت تأبى ذلك احتراماً له وإيفاء بحقه، فعلى الرغم من أنه أخوها فهو أمير المؤمنين خليفة المسلمين.
أمها كانت جارية تجيد الغناء، وتسمى بكنونة، وقد تزوجها أبوها المهدي قبل أن يتقلد الحكم ويصبح الخليفة العباسي الثالث ومن أمها تعلمت الغناء، وكان الغناء في ذلك العصر مرتبطاً بالشعر.
تزوجت علية بنت المهدي من موسى بن عيسى العباسي، ولكن بعض المراجع تذكر أنها كانت معجبة قبل الزواج بأحد خدم أخيها الرشيد واسمه طل، فكانت تراسله بالشعر ولما غاب عنها ذات يوم، سارت إليه في مكان إقامته معرّضة نفسها للخطر.
وعلم الرشيد بما فعلته أخته، وأدرك أنها تحب خادمه طل فغضب وحلف عليها ألا تكلّم طل ولا تسميه باسمه، وأقسمت أمامه ألا تفعل.. ولم يكن هارون الرشيد شديدًا، ولكنه بحكم مكانته كخليفة للمسلمين وكأمير للمؤمنين وتمشياً مع عادات وتقاليد المجتمع العربي المسلم فلم يكن بالإمكان أن يسمح لأخته بإعلان الحب كما يفعل أي رجل في ذلك المجتمع.
وبالفعل منعها الرشيد أن تنطق بإسم الخادم، وامتثلت لأوامره بالمعنى الحرفي لها حتى منعها ذلك الأمر من أن تتلو آية من سورة البقرة ذكر بها كلمة طل.
وعندما علم الخليفة بذلك تراجع عن الأمر وأرسل لها طل كهدية. في هذه الحالة، أصبح تدينها وسيلة للحصول على مكافأة دنيوية.
توفيت الأميرة في بغداد سنة 210هـ بعد أن تركت لتاريخ الغناء العربي ثروة فنية وقيل أن سبب وفاتها أن المأمون ضمها اليه وجعل يقبل رأسها، وكان وجهها مغطى فشرقت من ذلك وسعلت ثم أتتها الحمى على اثر ذلك فما لبثت أن رحلت.