الرحالة الجريء، مكتشف الأميركتين، الرجل الذي غير العالم، ربما سمعت بمثل تلك المصطلحات المثيرة الرنانة وهي تصف شخصا ما بعينه، كريستوفر كولومبوس، لكن هل تعلم أن كولومبوس لم يستكشف أمريكا، بل كان بحارا معتديا يقبض أرواح الأبرياء ويخضعهم بلا أي ذنب سوى ابتساماتهم البلهاء البريئة التي قابلوه بها. إذن من هو كريستوفر كولومبوس على الحقيقة؟ وما هي أسرار تاريخه المظلم؟
أول الأساطير التي تروى حول كولومبوس أنه كان من أوائل من يدركون أن الأرض كروية، وقد ذهب هذا البحار النبيل في رحلة عظيمة فقط ليثبت كرويتها، لمكن الأمر كله كذبة كبيرة، وغالبية المتعلمين في عصر كولومبوس يدركون أن الأرض كروية، ولم يكن هدف كولومبوس كروية الأرض من الأساس، بل كان له هدف أسمى وأكثر لمعانا.. الذهب والفضة واللالئ
استمر سعي كولومبوس في إقناع ملوك أوروبا بتمويل رحلته، لكنه قوبل بالرفض المستمر لعشر سنوات كاملة، حتى قبل عرضه في النهاية عام 1492.
كولومبوس وقبل أن يقرر الإبحار بدأت نواياه المخفية بالظهور إلى العلن شيئا فشيئا، ويتضح ذلك جليا في الاتفاق الذي أبرمه قبل انطلاق رحلته.
نص الاتفاق على أن يحق لكولومبوس أن يحتفظ بـ10% من الثروات التي يعثر عليها في رحلة استكشافه الجديدة، سواء كانت ذهبا أم فضة أن لآلئ.
ويظهر هذا أن نواياه قبل الإبحار لم تكن بريئة تركز على حب استكشاف العالم، بل كان هدفه تحقيق الربح من وراء حملاته الاستكشافية.
في أول رحلاته أمضى كولومبوس شهورا في البحث عن الذهب وغيره من الكنوز، لكنه لم ينجح في العثور على شيء ذا قيمة، وهنا تفطن ذهنه لأمر أخر، سكان تلك البلاد أقوياء وأشداء وأجسامهم قوية، لابد أن استغلالهم سيكون ممتازا، سنأسرهم ونفعل بهم ما يحلو لنا، كان هذا رأي كولومبوس في سكان أمريكا الأصليين.
رأي لم يتفق فيه معه حتى ملكة اسبانيا “المستفيد الأول من عمالة هؤلاء الخدم”، بل إنها عنفت كولومبوس لتجاهله أوامرها وأمرته بحسن معاملتهم، وتحرير الأسرى وإعادتهم إلى موطنهم.
لكن كولومبوس لم يتوقف وكان هو ورجاله يُجبَرون السكان الأصليين على البحث عن الذهب والعمل في المزارع بالسخرة، حتى تعرض شعبهم للإبادة ولم يتبق منه سوى بضع مئات من الأشخاص بعد أن كان عددهم يقدر بنحو ربع مليون نسمة.
وعموما وبعيدا عن الجدل المثار حول تسخيره للسكان الأصليين وحكمه الاستبدادي، فلم يكن كولومبوس أول من عبر المحيط الأطلسي، وتثبت معظم الدراسات أنه قد سبقه آخرون في هذا الاستكشاف.
ختاما، نعم لقد أدت رحلات كولومبوس الاستكشافية إلى الكثير من التبادلات بين نصفي الكرة الأرضية شرقا وغربا، لكنها أهلكت في المقابل عددا كبيرا من سكان أمريكا الأصليين الذين لم يكن ذنب إلا أنهم وقفوا أمام بحار جامح لم يوقف طموحه شيء، ولم يردعه أي خلق من أن يفني حياة ملايين البشر ويسخرهم لتحقيق مصلحته الشخصية، ومن يدري فلربما من هذا المنطلق تكون رحلات كولومبوس قد أفضت فعلا إلى “عالم جديد”.