قصته ليست إحدى قصص أفلام هوليود الفائزة بالأوسكار، وأفلام بوليود الخيالية، بل هي قصة حقيقية في البرازيل، قصة صعود ماسح الأحذية إلى رئاسة البرازيل ثم دخوله السجن ثم برائته وعودته مرة أخرى للحكم.. ماذا حدث مع لولا دا سيلفا ؟
فاز لويس إيناسيو لولا دا سيلفا في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في البرازيل، على منافسه الرئيس المنتهية ولايته جايير بولسونارو بفارق تجاوز مليوني صوت.
وحصل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا على نسبة 50.90% بعد فرز 99.5% من الأصوات، فيما حصل بولسونارو على 49.10%.
ولم تكن الحملات الانتخابية سهلة، فتسببت في حدوث استقطاب سياسي في البلاد، وتبادل المتنافسان، الإهانات، والاتهامات بشكل علني، وسيحكم دا سيلفا ولاية ثالثة من أربع سنوات، علما أنه ترأس البلاد في الفترات بين 2003 و2011.
وقبل 3 سنوات فقط، كان الرئيس الأسبق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا نزيلا في أحد سجون البرازيل بتهمة الفساد، قبل أن تتم تبرئته ومن ثم عودته للحياة السياسية، وقلب الطاولة على الرئيس اليميني المنتهية ولايته جايير بولسونارو والعودة لحكم بلاد السامبا.
حيث كان مرشحا للرئاسة في انتخابات 2018، إلا أنه لم يتمكن من خوض الانتخابات بسبب إدانته بالفساد وقد سُجن على إثرها، لكنه تمكن من خوض الانتخابات الحالية بعد إلغاء إدانته، من قبل المحكمة العليا.
فوز لولا بالانتخابات الرئاسية لم يكن من قبيل المصادفة حيث تصدر غالبية الاستطلاعات التي أكدت على مدى جاذبية وشعبية الرجل الذي وصفه الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما في وقت ما بأنه الشخص “الأكثر شعبية” في العالم.
حيث نجح الرئيس الأسبق في الاستفادة بذكاء من حنين البرازيليين إلى سنوات حكمه التي كانت الأكثر ازدهار بالنسبة للبلاد حيث كانت تمتلك سابع أكبر اقتصاد، هو ما أكد عليه خلال حملته الانتخابية بأن المواطن البرازيلي العادي كان يستطيع شراء أي شيء في سنوات حكمه
ولم تكن حياة لولا دا سيلفا سهلة أبدا، فهو ابن لأسرة فقيرة ضمن المزارعين الأميين عمل وهو في العاشرة من عمره بائعا للفول السوداني وكذلك ماسحا للأحذية.
وعندما اشتد عوده، التحق بوظيفة عامل بأحد مصانع الصلب قرب ساو باولو حيث هناك فقد إصبعا من كف يده اليسرى بستينيات القرن الماضي.
لم يكن دا سيلفا مغرما بالسياسة ولكنه انجذب إلى العمل النقابي عام 1969، وتم انتخابه رئيسا لاتحاد عمال الصلب الذي كان يضم في عضويته آنذاك 100 ألف شخص فى العام 1975، ومن ثم تحول من منظمة صديقة للحكومة إلى حركة مستقلة قوية.
وفي الثمانينيات، قام لولا بتأسيس حزب العمال وهو أول حزب اشتراكي في تاريخ البرازيل، لذلك يعد دا سيلفا أول رئيس للبرازيل من صفوف الطبقة العاملة الكادحة.
وعقب فوزه، تعهد لولا بالعودة إلى النمو الاقتصادي الذي تقوده الدولة والسياسات الاجتماعية التي ساعدت في انتشال الملايين من براثن الفقر عندما حكم البرازيل من عام 2003 إلى عام 2010.
كما وعد بمكافحة إزالة غابات الأمازون المطيرة الذي وصل الآن إلى أعلى مستوى له منذ 15 عاما وكذلك جعل البرازيل رائدة في محادثات المناخ العالمية.
لولا سيواجه صعوبات جمة لتكرار نجاحه السابق بسبب التحولات الجذرية السياسة والاقتصادية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية، وكذلك في ظل برلمان أكثر يمينية إذ يشهد تمثيلا قويا للحزب الليبرالي بزعامة منافسه الخاسر بولسونارو.. فهل ينجح ابن الطبقة الكادحة فى تحقيق وعوده؟